اليك ، فخذ لي حقّي منه ، يرحمك الله.
قال : انطلق إليه ، وقام معه رسول الله (ص) ، فلما رأوه قام معه ، قالوا لرجل ممن معهم : اتبعه ، فانظر ما ذا يصنع.
قال وخرج رسول الله (ص) حتّى جاءه فضرب عليه بابه ، فقال : من هذا؟ قال : محمد ، فاخرج إلي. فخرج إليه ، وما في وجهه من رائحة (١) ، وقد انتقع (٢). لونه ، فقال : أعط هذا الرجل حقّه. قال : نعم ، لا تبرح حتّى أعطيه الّذي له. قال : فدخل ، فخرج إليه بحقه ، فدفعه إليه.
ثمّ انصرف رسول الله (ص) ، وقال للاراشي : الحق بشأنك ، فأقبل الإراشي ، حتّى وقف على ذلك المجلس ، فقال : جزاه الله خيرا ، فقد والله أخذ لي حقّي.
قال : وجاء الرجل الّذي بعثوا معه ، فقالوا : ويحك! ما ذا رأيت؟ قال : عجبا من العجب ، والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه ، فخرج إليه وما معه روحه ، فقال له : أعط هذا حقّه ، فقال : نعم لا تبرح حتّى أخرج إليه حقّه. فدخل ، فخرج إليه بحقّه ، فأعطاه إياه. قال : ثم لم يلبث أبو جهل أن جاء ، فقالوا له ويلك! مالك؟ والله ما رأينا مثل ما صنعت قطّ!
قال : ويحكم! والله ما هو إلا أن ضرب عليّ بابي ، وسمعت صوته ، فملئت منه رعبا ، ثمّ خرجت إليه ، وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ، ما رأيت مثل هامته ، ولا قصرته (٣) ، ولا أنيابه لفحل قط ، والله لو أبيت لأكلني.
__________________
(١) أي بقية روح ، فكأن معناه روح باقية ، فلذلك جاء به على وزن فاعلة. والدليل على أنه أراد معنى الروح ، وإن جاء به على بناء فاعلة ، ما جاء في آخر الحديث : خرج إلي وما عنده روحه. وقيل يريد : ما في وجهه قطرة من دم.
(٢) انتقع لونه : تغير. ويروى : امتقع ، وهو بمعناه.
(٣) القصرة : أصل العنق.