وطالبتها بضعها فالتوت |
|
بوجه تغول فاستغولا |
ويزعمون أن رجليها رجلا عنز ، وكانوا إذا اعترضتهم الغول في الفيافي يرتجزون ويقولون :
يا رجل عنز انهقي نهيقا |
|
لن نترك السبسب والطريقا |
وذلك أنها كانت تتراءى لهم في الليالي وأوقات الخلوات ، فيتوهمون أنّها إنسان فيتبعونها ، فتزيلهم عن الطريق الّتي هم عليها ، وتتيههم. وكان ذلك قد اشتهر عندهم وعرفوه ، فلم يكونوا يزولون عما كانوا عليه من القصد ، فإذا صيح بها على ما وصفنا شردت عنهم في بطون الأودية ورءوس الجبال.
وقد ذكر جماعة من الصحابة ذلك ، منهم عمر بن الخطاب (رض) انه شاهد ذلك في بعض أسفاره إلى الشام ، وأنّ الغول كانت تتغول له ، وإنّه ضربها بسيفه ، وذلك قبل ظهور الإسلام ، وهذا مشهور عندهم في أخبارهم.
السعلاة :
قال المسعودي ما موجزه (١) :
وفرقوا بين السعلاة والغول قال عبيد بن أيوب ...
أبيت بسعلاة وغول بقفرة |
|
إذا الليل وارى الجنّ فيه أرنت |
وقد وصفها بعضهم فقال :
وحافر العنز في ساق مدملجة |
|
وجفن عين خلاف الأنس بالطول |
وقد حكى الله قول الجنّ في عملهم مع الأنس وقال تعالى :
(وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً* وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً* وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً* وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (الجن / ٦ ـ ٩).
__________________
(١) مروج الذهب ٢ / ١٣٧.