من غير تكلف بماهية ان كل موضوع لحكم ظاهرى انما يكون معنى بعدم انكشاف الخلاف.
وحاصل الكلام ان مثل قوله (ع) كل شيء طاهر وكل شيء حرام لا يتحمل إلّا لمعنى فارد وذلك المعنى الفارد بحيث يقتضيه ظاهر اللفظ من غير تأويل ليس هو إلّا قاعده الطهارة والحل ، ولو اغمضنا النظر عن الظاهر وارتكبنا التأويل فلا بد من حمله على بيان الحكم الواقعى بالاستصحاب مما لا يمكن ان يستفاد منه اصلا. ودعوى ان الاستصحاب انما يستفاد من كلمة حتى حيث انها تدل على استمرار الحكم الى ما بعدها من العلم بالقذارة والحرمة فيصير حاصل المعنى ان كل شيء طاهر واقعا او طاهر الى ان تعلم الخلاف فيتحد مفاده مع مفاد قوله (ع) لا تنقض اليقين بالشك ولكن انقضه بيقين آخر فان عدم نقضه بالشك ليس إلّا عبارة عن استمرار اليقين فى زمان الشك الى زمان العلم بالخلاف ففساده غنى عن البيان فان تقدير ليستمر الطهارة مما لا شاهد عليه وكلمة حتى لا تدل على ذلك فان غاية ما يمكن تسليمه هو ان كلمة حتى تدل على استمرار تلك الحكم المذكور فى الصور وهو قوله طاهر واما اخذ تلك الطهارة مفروغا عنها والحكم باستمرار الطهارة الى زمان العلم بالخلاف كما هو مبنى استفادة الاستصحاب من الرواية مما لا شاهد عليه. وبالجملة استفادة الاستصحاب من مقدمه مطلوبه وان كان يستقيم إلّا انه لا قرينة على تلك المقدمة كما لا يخفى.
هذا تمام الكلام فى اخبار الاستصحاب وقد عرفت ان عمدتها الاخبار الثلاثة المروية عن زرارة ، ودلالتها على اعتبار الاستصحاب دون قاعده اليقين واضحة فان موردها لا ينطبق على قاعده اليقين اذا عرفت ذلك فيصح الكلام فى مقدار دلالتها وانها هل تدل على اعتبار الاستصحاب مطلقا