يكون له حكم فى صورة الشك ، او الظن بالموضوع الذى حكم فى حسنه ، او قبحه ولا يمكن ان يكون ساكتا فى تلك الصورة ، او يحكم على خلاف ما حكم به اولا بل اذا استقل بقبح شيء فيستقل ايضا بقبح الاقدام على ما لا يؤمن على ذلك الشيء ، وهذا بخلاف الاحكام الشرعية فان للشارع ان يجعل فى صورة الشك فى الموضوع حكما مخالفا ايضا بما حكم به اولا ، كما ان له ان يجعل حكما موافقا له كما جعل أصالة الاحتياط فى باب الدماء. والسر فى ذلك هو ان الاحكام الشرعية حيث كانت تابعة للمصالح والمفاسد يختلف حالها بحسب الأهمية كما هو واضح ، واما الاحكام العقلية فليس الامر كذلك بل فى كل مورد استقل العقل بقبح شيء استقل ايضا بقبح الاقدام فى صورة الشك فى الموضوع لان حكم العقل بالقبح انما يكون مطلقا اذا عرفت ذلك فنقول : ان المستقلات العقلية على قسمين : الاول ما كان له حكم واحد لمناط واحد يعم صورة العلم بالموضوع ، والشك والظن والوهم ، وذلك كما فى حكمه بقبح التشريع ، حيث ان قبح التدين والاسناد بما لا يعلم التدين به من قبل الشارع لا يختص بحال دون حال.
الثانى : ما كان له حكم على الموضوع الواقعى ، وحكم آخر طريقى فى صورة الظن والشك كما فى حكمه بقبح اكل مال الناس فان القبح العقلى هو اكل مال الناس اى ما كان مال الناس واقعا فحكمه فى صورة الشك انما يكون بمحض الاحتياط ، نظير الاحتياط الشرعى فى باب الفروج والدماء ولا يبعد ان يكون حكمه بقبح الضرر من قبيل القسم الاول ، وكيف كان يكون حكمه من قبيل القسم الاول ، والاصول المحرزة كالاستصحاب يكون جاريا وحاكما على حكم العقل الطريقى ، سواء كان الاصل موافقا او مخالفا لان الاصل المحرز