فهذا الأصل في الرحلة في طلب العلم.
وانطلاقا من هذه الأحاديث قام مؤلفنا برحلته في طلب العلم.
والمصادر التي بأيدينا لم تذكر أخبار رحلته على التفصيل ، ولكنا نستنتج من ترجمته وشيوخه أنّه قام برحلة كبيرة.
وقد قال ابن الجزري (١) بعدما ذكر شيوخ المؤلف : إنّه قرأ عليهم في بلاد متفرقة ، فدلّ على رحلته الواسعة. ا ه.
فتدلنا المصادر أنّه من قرية حدادة ، ثم خرج منها إلى سمرقند ، وهي مركز العلوم الشرعية في تلك البلاد فأقام فيها مدة طويلة من الزمن ينهل من معينها ، ويرتوي من عذب فراتها العلم اللذيذ ، وفي سمرقند اجتمع بأحد الشيوخ المقرئين المتصدرين ، وهو أبو يحيى الخياط ، فعكف الشيخ على بابه ولازم حلقاته حتى قرأ عليه ختمات كثيرة ، ولازمه مدة عشرين سنة ، مما جعلته يستفرغ ما عنده من العلوم أو يكاد.
وكذا اجتمع فيها بأبي القاسم الفسطاطي ، وهو من شيوخ الإقراء فلازمه وقرأ عليه ، وبأبي سعيد السختياني وقرأ عليه بعد الستين وثلاثمائة.
وبعد الستين وثلاثمائة وجّه ركابه نحو مدينة السّلام منبع العلم ومحطّ أنظار العلماء ، فأدرك فيها فحول العلماء ، وفي مقدمتهم أبو سعيد السيرافي ، فقرأ عليه مدة من الزمن ، ثم توفي السيرافي في سنة ٣٦٨ ه.
وكذا أدرك فيها العلامة المقرىء أبا القاسم النخاس ، فلازمه مدة ، ثم توفي الشيخ سنة ٣٦٨ ه.
واجتمع فيها أيضا بالخزّاز وأخذ عنه القراءات ، وذلك في حدود السبعين وثلاثمائة.
__________________
(١) راجع غاية النهاية ١ / ١٠٥.