باب «أيّ»
ـ إن سأل سائل عن قوله تعالى : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) (١) لم ارتفع أيّ وقد جاء بعد الفعل؟.
فهلا عمل فيه كما عمل في قوله تعالى : (أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٢)؟.
وكذلك السؤال عن قوله : (لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) (٣) فهلا عمل فيه (لَنَنْزِعَنَّ؟.)
قلنا ـ وبالله التوفيق ـ : إنّ «أيا» ارتفع في الآية الأولى على الابتداء ؛ لأنّ الاستفهام له صدر الكلام ، ولا يعمل فيه ما قبله فيما بعده.
وقوله : (لِنَعْلَمَ) لم يقع على (أَيَ) وإنما وقع على شيء مضمر.
المعنى : لنعلم بالنظر والمسألة ، أي : ليظهر ويرى بالمسألة والنظر أيّ الفريقين أحصى. وهذا كقولك : انظر واعلم أيّهما قام ، كأنك تقول : من القوم أيهم قام ، والله أعلم.
وأمّا قوله : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٤) ، فإنما انتصب بالظرف ؛ لأنّ المنقلب ظرف مكان ، وتقدير الكلام : بأيّ منقلب ،
__________________
(١) سورة الكهف : آية ١٢.
(٢) سورة الشعراء : آية ٢٢٧.
(٣) سورة مريم : آية ٦٩.
(٤) سورة النمل : آية ٣٨.