وفي أي منقلب ، فلما سقط حرف الصفة انتصب وإن شئت قلت : إنّما انتصب بإضمار فعل دلّ عليه قوله : (يَنْقَلِبُونَ.)
وقد قيل : إن «أيا» على أربعة أوجه :
أحدها : أن يكون بمعنى الاستفهام ، فله صدر الكلام ، ويكون مرفوعا بالابتداء ، وخبره أيضا مرفوع ، كقوله تعالى : (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) (١)
وقوله تعالى : (أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) (٢).
وكذلك قوله : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) (٣) ، وقوله : (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى) (٤) ، و (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ) (٥) وأشباهها.
وقوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) (٦).
وللنحويين فيه أقاويل :
قال الخليل : رفعه على الحكاية ، كأنّه قال : ثمّ لننزعنّ من كل شيعة من يقال : أيّهم أشدّ على الرحمن عتيا ؛ لأنّ في (لَنَنْزِعَنَ) دليلا على معنى القول ، لأنهم ينزعون بالقول.
والوجه الثاني : وهو قول سيبويه : إنّ أيا بمعنى الذي ، إلا أنّه لما جاز حذف الضمير من صلته خالف أشباهه ، فيبنى على الضمّ كما تقول : لأضربنّ أيّهم قائل لك شيئا. معناه : الذي هو قائل لك شيئا. ولا يجوز حذف الضمير في غيره من الصلات. وهذا على قول الخليل لا يجوز.
__________________
(١) سورة النمل : آية ٣٨.
(٢) سورة آل عمران : آية ٤٤.
(٣) سورة الكهف : آية ١٢.
(٤) سورة طه : آية ٧١.
(٥) سورة مريم : آية ٧٣.
(٦) سورة مريم : آية ٦٩.