والوجه الثالث : ـ وهو قول يونس بن حبيب ـ إنّ قوله : (لَنَنْزِعَنَ) معلّقة كما يعلّق العلم في قولك : قد علمت أيّهم في الدار.
وأمّا قوله : (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها) (١) ، فارتفع بفعله الذي هو يأتي ، وكذلك قوله : (أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) (٢) ، ف «أي» في هذه الآية بمعنى الاستفهام.
ـ وأمّا إذا كان بمعنى الشرط فإنّه يكون مرفوعا ، وجزاؤه مجزوما ، كقولك : أيّهم يكرمني أكرمه وإذا أوقعت عليه الفعل نصبته ، كقوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٣) ، وقوله : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) (٤).
ـ وأمّا بمعنى التعجب فإنّه إن وقع مبتدأ كان مرفوعا ، تقول من ذلك : أيّ رجل زيد ، وإذا لم يقع مبتدأ جرى عليه الإعراب ، كقوله تعالى : (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) (٥) ، وقد قيل : فيه معنى الشرط.
وقيل : بمعنى التعجب ، والله أعلم.
وكقوله تعالى : (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (٦).
ـ وأمّا ما جاء بمعنى الذي فيجري عليه الإعراب أيضا ، كقولك : لأضربنّ أيّهم في الدار ، وإنما عمل فيه ما قبله ، لأنه بمعنى الذي.
فمن ذلك قوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) (٧) ، هذا قرىء في الشواذ (٨).
* * *
__________________
(١) سورة النمل : آية ٣٨.
(٢) سورة آل عمران : آية ٤٤.
(٣) سورة الإسراء : آية ١١٠.
(٤) سورة القصص : آية ٢٨.
(٥) سورة الانفطار : آية ٨.
(٦) سورة عبس : آية ١٨.
(٧) سورة مريم : آية ٦٩.
(٨) قرأ هارون القارىء بنصب «أيهم» أوقع على «أيهم» لننزعن ، وكذا قرأ بها أيضا معاذ بن مسلم الهرّاء ، وطلحة بن مصرف ، راجع إعراب القرآن للنحاس ٢ / ٣٢٢.