قالت : فما بعد ذلك؟
قال : أوحي إليّ «إنّ الله خلق النساء أفواجا ، وجعل لهنّ أزواجا ، فنولج فيهنّ قعسا إيلاجا ، ثمّ نخرجها إذا شئنا إخراجا ، فينتجن لنا سخالا نتاجا».
فقالت : أشهد أنّك نبيّ (١).
وروي أنّ أبا بكر الصديق رضي الله عنه سأل أقواما قدموا عليه من بني حنيفة عن هذه الألفاظ ، فحكوا بعض ما نقلناه ، فقال أبو بكر : سبحان الله! ويحكم إنّ هذا الكلام لم يخرج عن إلّ فأين كان يذهب بكم؟
ومعنى قوله : عن إلّ ، أي : عن ربوبية.
فردّ الله كيده في نحره ، وفضح أمره ، وانقلب اسمه من نبيّ إلى كذّاب ، فلا يدعى إلا مسيلمة الكذّاب.
ـ وحكى القاضي عياض في الشفاء أنّ ابن المقفع طلب معارضة القرآن ، ورام ذلك فمرّ بصبيّ يقرأ : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي ، وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ، وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ، وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٢). فرجع فمحى ما عمل وقال : أشهد أنّ هذا لا يعارض ، وما هو من كلام البشر (٣).
وقال الباقلاني : وقد ادّعى قوم أنّ ابن المقفع عارض القرآن ، وإنّما فزعوا إلى «الدّرة» و «التليمية» وهما كتابان : ـ أحدهما : يتضمن حكما منقولة
__________________
(١) راجع إعجاز القرآن للباقلاني ، ص ١٥٧.
(٢) سورة هود : آية ٤٤.
(٣) راجع الشفاء ، ص ٢٧٥.