والتحقيق أنه (تارة) نقول : إن الفارق بين الندب والوجوب هو اختلاف الطلب فيهما بالشدة والضعف ، فيكون الندب منتزعا من مرتبة ضعيفة من الطلب ، والوجوب منتزعا من مرتبة قوية منه ، (وتارة) نقول : إن الفارق بينهما ورود الترخيص وعدمه ، فيكون الندب منتزعا من الطلب المرخص في تركه ، والوجوب منتزعا من الطلب غير المرخص في تركه ، كما هو التحقيق ، وأوضحناه في (حقائق
__________________
ـ شرعا ومجرد اللابدية العقلية لا تنافي ندبها.
وأيضا الاشكال إنما يتوجه اذا قلنا بوجوب المقدمة مطلقا ، واما اذا قلنا بما ذكره الشيخ الانصاري وصاحب نهاية الدراية (رحمهماالله) من أنّ الواجب هي المقدمة التي يقصد بها التوصل إلى ذي المقدمة فلا مجال له ، فان المتوضئ لم يقصد التوصل بالوضوء إلى الواجب بل إلى المندوب ، فلا يتصف الوضوء بالوجوب فلا مانع من اتصافه بالندب ، كما صرح به سيدنا الاستاذ الخوئي رضى الله عنه (التنقيح ج ٤ / ٣٤) وقال انه لا اشكال في صحة الوضوء بقصد الغاية المستحبة من دون ان يقصد به الامر الندبي المتعلق بالوضوء وقال انه خارج عن محل الكلام.
ثمّ إن إشكال السيد الحكيم لا يتوجه على صاحب العروة لان مراده قصد ندب الغاية والاشكال يدل على سقوط الندب المتعلق بالمقدمة فلا ربط بين الاشكال وقول العروة فما ذكره السيد الخوئي من عدم الاشكال في صحة الوضوء بقصد الغاية المستحبة في محله.
ثم ان لم نقل بوجوب المقدمة مطلقا بل بوجوب المقدمة الموصلة ، فاذا اتى المكلف بالوضوء بداعي الغاية المستحبة ولم يوصل ذلك إلى الصلاة الواجبة فلا اشكال في صحته ، فانه غير متصفة بالوجوب فلا مانع من اتصافه بالندب فانه مقدمة لغاية مستحبة واما إن اوصل إلى الغاية الواجبة ففيه الاشكال المتقدم.