بسم الله الرّحمن الرّحيم
لا يخفى على ذوي الألباب ما لعلم الفقه من مكانة وأهمية في دائرة التعاليم الإسلامية باعتباره القانون الإلهي في المشروع الحضاري الإسلامي الذي اريد له تنظيم شئون الإنسان في حركة الحياة الفردية والاجتماعية ، ولذلك نجد أن علماء الدين وفقهاء المذاهب قد وطّدوا العزم منذ فجر الإسلام وحتّى يومنا هذا في تشييد مبانيه وتحكيم اسسه وإيقاظ روح الاجتهاد في آفاق هذا العلم من أجل تحويل النصوص السماوية الشريفة إلى واقع حي يشمل كل تطلعات الإنسان في مسيرته الصاعدة وتمكنه من الاجابة على علامات الاستفهام امام مستلزمات الواقع وتحديات الظروف ومستجدات الحياة.
ومن هذا المنطلق كان الفقه الإسلامي من أشرف العلوم وأجلّها مرتبة وأوسعها نطاقا ، ومعلوم أن الفقه ـ أي الأحكام الشرعية ـ هو ما يستنبط من الحجج والامارات الشرعية ، وهي : الكتاب والسنة والاجماع والعقل ، رغم أن أكثر ما يستنبط منه الحكم الشرعي هو السنة الشريفة ، ويستفاد من السنّة جملة من الضوابط والاصول يطلق عليها «القواعد الفقهية» التي تعتبر مجموعة صياغات معرفية تمثل البنى التحتية لصرح المسائل الفقهية ، ولذلك كانت من أهم الأمور التي ينبغي على الفقيه معرفتها لممارسة سلطة معرفية تعمل على اذكاء فاعلية العقل الفقهي في عملية قراءة النص الديني.