ولكن رغم هذه الأهمية البالغة للقواعد الفقهية فإننا لا نجد بحوثا مستقلّة في كتب الاصحاب تتولى دراسة هذه القواعد من موقع التأصيل الفقهي للمساهمة في منح الفقه قدرات تنظيرية واسعة لفهم النص واستجلاء مضمونه.
ثمّ أنّ القاعدة الفقهية على ما يستفاد من استقراء كلمات الاصحاب «قدسسرهم» على ثلاثة أنحاء :
الأول : ما يشتمل على حكم فقهي عام لا يختص بباب معين من الفقه ، بل يستوعب ابواب الفقه كلها من قبيل قاعدة حجية البيّنة أو خبر الواحد في الموضوعات.
الثاني : ما يتضمن حكم فقهي عام يتدخل في كثير من مسائل الفقه المبحوثة في أبواب متفرقة من قبيل : قاعدة أصالة للزوم أو قاعدة الضمان فانهما تجريان في أبواب المعاملات فقط.
الثالث : ما يحتوي على حكم فقهي عام يشمل مسائل كثيرة من كتاب واحد ، مثل قاعدة لا تعاد في باب الصلاة ، أو قاعدة الطهارة في باب الطهارة أو قاعدة البينة على المدعى واليمين على من انكر ، الواردة في باب القضاء.
فحينئذ تفترق القاعدة الفقهية عن القاعدة الأصولية بأنّ الثانية تقع في طريق استنباط الأحكام الكلية ، بينما القاعدة الفقهية تنطبق على جزئياتها وصغرياتها كما أنها ، أي القواعد الفقهية تفترق عن المسائل الفقهية في تضمّن المسائل الفقهية أحكاما خاصة مثل طهارة ماء البئر ، نجاسة الدم ، صحة العقد المعاطاتي ، حرمة الخمر وأمثال ذلك.