كان حلالا طاهرا ، فهو كذلك بعد أن يغلي. وبعد ابتلائه بالمعارض دائما يسقط عن الحجية.
واجاب عنه شيخنا الاعاظم رضى الله عنه في رسائله ، بحكومته على الاستصحاب التنجيزي. ولم يتضح وجه الحكومة المذكورة ، فإن الشك في الحرمة على تقدير الغليان عين الشك في الحلية على تقدير الغليان ، لأن الشك يتقوم بطرفين هما الحرمة والحل ، فالشك في الحرمة معناه الشك في الحل ، كما أن الشك في الحركة عين الشك في السكون ، فيمتنع أن يكون الاستصحاب الجاري لإثبات أحد طرفي الشك حاكما على الاستصحاب الجاري لإثبات الطرف الآخر. وهذا معنى التعارض بين استصحاب الحل التنجيزي ، واستصحاب الحرمة التعليقية.
فإن قلت : إن من القطعيات أصالة عدم النسخ ، الذي لا فرق فيه بين الحكم التنجيزي والتعليقي ، ولو تمت المعارضة المذكورة ، كان استصحاب عدم النسخ في الاحكام التعليقية معارضا باستصحاب الحكم التنجيزي ، الذي هو خلاف الحكم التعليقي ، ويسقط حينئذ عن الحجية.
قلت : أصالة عدم النسخ ليست من قبيل الاستصحاب ، بل هي أصل لنفسه حجيته لبناء العقلاء عليه. ولو كان من باب الاستصحاب لم يجر لو شك في نسخ الاستصحاب ، ولجاء فيه الخلاف الجاري في حجية الاستصحاب ، كما لا يخفى (١).
__________________
(١) أصالة عدم النسخ لم يثبت كونها أصلا برأسه وغير الاستصحاب ، بل لا نقول بصحتها