يكون بالحمل الشّائع الصّناعي طلبا مطلقا بل طلبا إنشائيّا وإنشاء طلب ، وربّما يكون الأوّل داعيا ومحركا على الثّاني إلّا أنه لا تلازم بينهما ، فقد يوجد الأوّل خاصّة ، وهذا ممّا لا إشكال فيه ، وقد يوجد الثّاني كذلك كما في الأوامر الامتحانيّة والاعتذاريّة إذ ليس فيها طلب جدّي حقيقي وحب نفساني. والظّاهر أن الطّلب الذي يتبادر من لفظ الأمر وصفا أو انصرافا على احتمال تقدمه هو المعنى الثّاني ، إذ مع وجود الاوّل دونه لا يصدق الأمر ، وعلى من وجد فيه الطّلب النّفسي الواقعي أنه أمر ، بل يصحّ سلبهما عنهما ، ولكن مع وجود الثّاني أعني الطّلب الانشائي يصدق الأمر وعلى المنشئ أنه آمر ، وإن لم يكن فيه طلب حقيقي جدي وحبّ نفساني. نعم لا فرق في صدقه على الطّلب الانشائي بين كونه منشأ بصيغة افعل وما في معناه من اسم الفعل أو بمادة الطّلب أو بمادة الأمر كلفظ أطلب أو آمر ونحوهما ممّا يشتق منهما إذا صدرت في مقام الطّلب والإنشاء لا في مقام الأخبار وكذا غيرها كذلك ، والظّاهر أن لفظ الطّلب أيضا كذلك فإنه كثيرا ما يستعمل في الطّلب الانشائي بحيث ينصرف إليه عند إطلاقه ، ولكن لفظ الارادة على عكس ذلك فإنها أيضا تطلق على الطّلب الحقيقي وعلى الطّلب الانشائي إلّا أنها ظاهرة في المعنى الأوّل لكثرة استعمالها في الطّلب الحقيقي بحيث تنصرف إليه عند إطلاقها ، ولعل هذا الاختلاف بين لفظي الطّلب والإرادة النّاشئ من انصراف كلّ منهما إلى أحد المعنيين دعا بعض أصحابنا وألجأه إلى الميل إلى ما ذهب إليه الاشاعرة من المغايرة بينهما خلافا لما عليه أهل الحقّ قاطبة والمعتزلة من اتّحادهما ، ولمّا انجر الكلام إلى هذا المقام فلا بأس بتحقيق القول فيه على وجه ترتفع به غواشي الاوهام.
فنقول : اختلفوا في أن الطّلب هل هو عين الإرادة أو غيرها؟ ذهب أصحابنا