وجمهور المعتزلة إلى الاوّل والاشاعرة إلى الثّاني ، والحقّ هو الاوّل. ولا يخفى أنه ليس المراد باتّحادهما أن لفظيهما موضوعان لمفهومين يوجدان بوجود واحد ، بمعنى أن مصداقهما متّحد ، بل المراد به أن لفظيهما موضوعان بازاء مفهوم واحد كلّي وله وجودان تارة يقوم بالنّفس وأخرى ينشأ باللّفظ وإن لم يكن مسبوقا بوجود له في النّفس كما في الأوامر الامتحانيّة والاعتذاريّة. وكلّ من هذين الوجودين من مراتب وجود ذلك المعنى العام الذي لو تصوره العقل بعمومه يحمل عليه الطّلب بالحمل الذّاتي الاولي ، فإنه بلحاظ تصوره الذّهني وإن كان يصير جزئيّا ذهنيّا ، ضرورة أنه بهذا اللّحاظ لا يصدق على سائر الصور الذّهنية ، إلّا أنه مع هذا لا يخرج عن عمومه أيضا ، فهو ذلك المعنى العام البرزخ بين المرتبتين ، الطّلب الانشائي أي اللّفظ الذي قصد به انشاء الطّلب وإيقاعه خارجا فإنه ليس بطلب حقيقة وجزئيّا من ذلك المعنى العام بل منشأ له خارجا ، فالمنشأ به جزئي منه لا هو نفسه ، ولذا قلنا في صدر المسألة إن الطّلب لا يصح أن يحمل عليه بالحمل الشّائع الصّناعي إلّا مقيدا بالانشائي بأن يقال : أن هذا اللّفظ طلب إنشائي وانشاء طلب وله أثار تختص به قد يكون سببا لاستحقاق العقاب أو الثّواب على مخالفته أو موافقته ، كما إذا صدر من المولى إلى عبده فإنه يوجب استحقاقهما عليهما وقد يكون سببا لآثار أخر ، كما إذا صدر من غير المولى فإنه لا يؤثر حينئذ وجوبا على المطلوب منه يترتب عليه آثار الدّعاء أو الالتماس ، كما أن للطّلب الحقيقي أيضا آثار تختص به قد يكون سببا لوجود الطّلب الانشائي وداعيا عليه ، وكيف كان ليس المراد بالاتحاد والعينيّة أن هذا الطلب الانشائي الذي عرفت أن لفظ الطّلب ينصرف إليه متّحد مع الارادة الحقيقية الّتي عرفت أيضا أن لفظ الارادة تنصرف