الأمر بالمأمور به فورا ففورا وكان دليل اعتباره شرعيّا كما لو فرض أنه نفس الصّيغة أو الأدلة الخارجة كآيتي الاستباق والمسارعة ، فإنه إذا فرض عدم ظهور له في وجوب الفور كذلك كان المرجع فيه عند الشّك البراءة بلا إشكال ، وأمّا لو كان دليل اعتباره كذلك العقل بأن فرض أن المسارعة والاستباق في فعل المأمور به من أنحاء الإطاعة نظير الإتيان به بقصد القربة والمستقل في باب الإطاعة واعتبار كيفياتها هو العقل خاصّة ، فلا مجال حينئذ للتّمسك بالبراءة الشّرعيّة ، بل المرجع أصالة الاشتغال عقلا لأنّه مستقل بلزوم الاحتياط عند الشّك في طريق الإطاعة والخروج عن العهدة ، ولكن استقلال العقل بوجوب الفور كذلك مشكل ، إذ ليس من قبيل قصد القربة ونحوه مما لا يمكن اعتباره إلّا بالعقل ، فلا مانع من الرّجوع إلى البراءة الشّرعيّة ، ولو ثبت الفور ودار بين كونه على وجه التّقييد بحيث لو أخل به لزم العصيان وسقوط التّكلف بالمرّة أو على وجه الفور ، فالفور بحيث لو أخل به أي لم يأت بالمأمور به في أوّل أزمنة الإمكان يلزم العصيان ولكن يبقى التّكليف كما كان فيجب الإتيان به في ثاني الحال وهكذا إلى آخر الأحوال ، فلا بدّ حينئذ من ملاحظة ما هو الأصل في إثبات الفور هل يقتضيه على أي الوجهين ، إن كان الأصل في ذلك دلالة الصّيغة وادعى إنّها تقتضي الفور بالفور ، فلا مانع من التّمسك بإطلاقها في إثبات الفور كذلك عند الشكّ فيه ، إلّا أن هذه الدّعوى بعيدة جدا لو سلم دلالة الصّيغة على الفور ، وإن كان الأصل فيه حكم العقل فملاكه في أوّل الحال موجود في ثاني الحال وما بعده كما لا يخفى ، فقضيته إثبات الفور فالفور إلّا أن حكم العقل بوجوب أصل الفور مشكل كما عرفت ، وإن كان الأصل في ذلك قوله تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وقوله تعالى (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) بتقريب أن