وأمّا بناء على اعتبارها من باب الموضوعيّة والسّببيّة فتكون حالها حال الأوامر الاضطراريّة الّتي تقدم حكمها في القسم الثّاني ، فإن مؤدياتها على هذا التّقدير أحكام واقعيّة حقيقية غاية الأمر إن الأحكام الاضطرارية حادثة في حال الاضطرار وهي حادثة في حال الشّك والجهل فإذا أدت إلى أن العمل واجد الشّرط أو الجزء أو أن المشكوك اعتباره فيه غير معتبر فيه كان في هذا الحال صحيحا ومشتملا على المصلحة حقيقة وعند انكشاف الخلاف لا بدّ في الحكم بالإجزاء وعدمه من ملاحظة أنه في تلك الحالة هل يكون وافيا بتمام الغرض والمصلحة أو يكون واجدا لبعضها مع إمكان تدارك الباقي منها أو عدمه فيجري فيه ما تقدم في القسم الثّاني من الأقسام الأربعة الممكنة وأحكامها من الإجزاء وعدمه مع البدار وجوبا أو استحبابا وعدم جوازه ، فإن استظهر بشيء منها من إطلاق دليل الحجيّة فهو المتبع وإلّا فالمرجع هو الأصل وقد تقدم ما هو قضيته.
أمّا المقام الثّاني : وهو ما يجري من الأصل أو الإمارة في إثبات أصل التكليف كما لو قام الخبر أو الأصل على وجوب صلاة الجمعة في زمان الغيبة فأتى بها ثمّ انكشف وجوب صلاة الظّهر فالأقوى فيه عدم الإجزاء مطلقا حتّى على القول باعتبار الإمارات من باب الموضوعية إذ غاية ما يقتضيه اعتبارها كذلك وكذا اعتبار الأصل حين الشّك صيرورة صلاة الجمعة في زمان الغيبة عند عدم انكشاف الخلاف ذات مصلحة ومن المعلوم إن هذا لا ينافي بقاء صلاة الظّهر على ما هي عليه من المصلحة الملزمة ، فيلزم تداركها بفعلها إلّا أن يقوم دليل بالخصوص على عدم وجوب صلاتين في يوم واحد.
وأقول : إن كان لسان أدلة الأصول كقوله عليهالسلام «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف