الملازمة بأحد الوجهين؟ وبعبارة أخرى هل يدلّ على النّهي عن ضدّه بالمطابقة أو التّضمن أو الإلزام بأحد الوجهين أم لا؟ ولا يخفى أن النّزاع في المقام الثّاني لا يصحّ إلّا بعد إثبات المقام الأوّل والفراغ عنه ، ولا يصحّ لأحد أن يقول في المقام الثّاني بخلاف ما قاله في المقام الأوّل ، بل كلّ من قال بالاقتضاء على بنحو العينيّة أو التّضمن أو الملازمة في المقام الثّاني يلزمه أن يقول بمثله في المقام الأوّل ، بل لا يصحّ التّفكيك بين المقامين من الطّرفين ، وكيف كان فاستعمال لفظ الاقتضاء في العنوان لا يخلو عن مسامحة ، فإنّه على حقيقته إنما يكون بين الاثنين وعلى القول بالعينيّة لا اثنينيّة في البين إلّا أن يقال أن التّعبير به ليس بحسب الحقيقة والماهيّة بل بحسب المفهوم ، وهما بحسبه مختلفان كما عرفت ، فاستعماله في العنوان على سبيل الحقيقة لا التّوسع والمسامحة ، وكيف كان المراد بالضّد هنا معناه اللّغوي أعني مطلق المنافي والمعاند وجوديّا كان أو عدميّا لوقوع النّزاع في الضّد العام أيضا ، فليس استعماله في كلمات القوم على ما اصطلح عليه ، لحكماء وهو خصوص المعاند الوجودي ، ويمكن إرجاع الضّد العام إلى الكفّ كما قيل به في المطلوب بالنّهي وهو فعل وجودي ، إلّا أنّه من الواضح أن النّزاع في المقام ليس مبنيا على ذلك القول ، فلا بدّ من الالتزام بأن المراد في المقام مطلق المعاند والمنافي وإن كان عدميّا.
ثمّ أنّ القول بالاقتضاء به في الضّد الخاص منشأ به عند القائلين به أحد أمرين ، إمّا توهم عدم إمكان اختلاف المتلازمين في الحكم الشّرعي بناء على أنه ليس بين ترك أحد الضّدين مع فعل الآخر إلّا التّلازم لا مقدّمية في البين من الجانبين ، بل هما في عرض واحد ، وإمّا توهم كون ترك أحد الضّدين مقدّمة لفعل الآخر بناء على القول بوجوب مقدّمة الواجب ، إذ على هذا القول بعد تسليم مقدّميّة ترك الضّد