أن تلك المحبة أو ذلك الأمر يكون مؤثرا في إنقاذ الولد الغريق تكون مانعة أيضا عن تأثير ما يقتضي إنقاذ الأخ الغريق من الشّوق الأكيد أو الأمر ، بل لو أحرز العبد هذا المعنى في نفس المولى وإن لم يصدر منه إليه أمر أصلا لعدم التفاته إلى غرقهما لزم عليه في حكم عقله إنقاذ الولد دون الأخ ويصحّ من المولى المؤاخذة والعقوبة على تركه ولا يقبل منه الاعتذار بعدم الأمر ، فإن ملاك الأمر الفعلي في إنقاذ الولد من المحبّة الأكيدة والشّفقة الشّديدة موجود ، فتصحّ المؤاخذة والعقوبة على تركه وإن أنقذ الأخ أيضا فإنه حينئذ وإن أتى ببعض ما هو محبوب ومطلوب له ، إلّا أنه لما لم يأت بتمامه لأنّه حسب الفرض ليس إلّا في إنقاذ الولد ، فلذا تصحّ مؤاخذته وعقوبته على تركه وإن اثيب أيضا بإنقاذ الأخ لما فيه من ملاك الأمر الفعلي لو لا المزاحمة.
وبالجملة تلك المرتبة من المحبّة المركوزة في النّفس أو الفعليّة عند الالتفات إلى غرق الولد والأخ أو الأمر الفعلي بإنقاذ الولد كما تكون مقتضية لإنقاذ الولد دون الأخ مباشرة أو تسبيبا بالأمر به ، كذلك تكون مانعة عن تأثير ما يقتضي إنقاذ الأخ عند المزاحمة من المحبّة أو الأمر الفعلي كما لا يخفى ، ولا يقتضي هذا أن يكون الضّد الذي تحققت العلّة التّامة لوجود مانعا عن الآخر كي يكون عدمه متقدّما على الآخر طبعا ورتبة كما هو المدعي ولا يكاد يتفاوت الحال فيما ذكرنا بين الضّد الموجود والمعدوم ، وبعبارة اخرى : بين ما لو كان المحل مشغولا بأحد الضّدين كالسّواد مثلا ثمّ يطرأ عليه العدم ويوجد الضّد الآخر كالبياض فيه وبين ما لو كان خاليا منهما ثمّ يطرأ عليه أحدهما ، خلافا لبعض الاعلام حيث فصل بين القسمين وقال بالتّوقف في الأوّل دون الثّاني ومنشؤه أن أحد الضّدين كالسّواد إذا فرض