الشّرطيّة ، ضرورة إنها بينهما لا تتحقق بدون الصّلاحية المذكورة ، ومعها يستلزم إمكان وقوع الدّور وهو محال ، وبدونها لا توقف أصلا لا في طرف الوجود ولا في طرف العدم ، وحيث أن التّوقف في طرف الوجود مسلّم عند المتفصّي فلا بدّ له من الالتزام لوجود الصّلاحية المذكورة ، وهي على ما عرفت مستلزمة لإمكان وقوع الدّور ، وما يستلزم من فرض وجود محال فهو محال.
فانقدح ممّا ذكرنا أن التّمانع بين الضّدين بمعنى كون ترك أحدهما مقدّما على فعل الآخر أو العكس طبعا لا مقتضي له ، كما يمكن أن يقال أن ترك أحدهما مقدّم على فعل الآخر يمكن أن يقال بالعكس ، وأمّا التّمانع بينهما المعاندة والمنافرة والمنافاة وعدم إمكان الاجتماع بين العينين ما شئت فسمّه به فهو موجود فيهما ، إلّا أن هذا المعنى لا يقتضي إلّا وجود الملاءمة والمناسبة وإمكان الاجتماع بين أحد العينين وبين بديل الآخر ونقيضه في تلك المرتبة التي يكون التّضاد والتّعاند بهذا المعنى بين العينين ، فأحدهما مع ما هو نقيض الآخر في عرض واحد وفي مرتبة واحدة.
وبعبارة اخرى : يكونان متلازمين معلولين لعلّة اخرى.
نعم إذا فرض في مورد تحقق العلّة التّامّة لأحد الضّدين لا كليهما ـ وإلّا لزم اجتماعهما وهذا خلف ـ كانت مانعة عن الضّد الآخر بالمعنى الأوّل ، فإنها حسب الفرص مقتضية لوجود ما ينافيه ويعانده ومؤثرة فيه ، فكيف لا تكون مانعة عن تأثير ما يقتضي وجود الآخر ، مثلا إذا فرض أن في نفس الإنسان مرتبة من المحبّة الشّديدة والشّفقة الأكيدة بالنّسبة إلى إنقاذ الولد لا تكون بالنّسبة إلى إنقاذ الأخر عند المزاحمة ، فلذا يبعث إلى إنقاذ الولد دون الأخ بمباشرته أو بأمر العبد به ، فكما