طرف العدم مجرد إمكان ليس بفعلي ، ولعلّ نظر هذا المتفصّي إلى أفعال العبيد لا مطلقا.
وعلى أي حال يتوجه عليه مضافا إلى أن ما ذكره لو سلم فإنما هو في أفعال العبيد ، وليس النّزاع في المقام مختصا بها ، بل يجري في أفعال الله تعالى ، ولا وجه لأن يقال أن العدم فيها مستند إلى عدم المقتضي لا إلى وجود المانع ، أن مرجع ما ذكر إلى إمكان لزوم المحال ، لأن فعل أحد الضّدين إن كان صالحا للمانعيّة الفعليّة في صورة وجود المقتضى على ما هو قضية كلام المتفصّي فلا محالة يلزم إمكان وقوع هذه المانعيّة ، مع أن وقوعها يستلزم الدّور ، فمرجع كلامه إلى إمكان وقوع الدّور ، وهذا باطل ، لأنّ ما يستلزم من فرض وقوعه محال فهو محال ، فالدّور على ما ذكرناه المتفصّي وإن كان يرتفع لاختلاف التّوقف في الطّرفين ، إلّا أن يلزم الاعتراف بإمكان وقوع المحال ، إذ لا يخلو إما أن يلتزم بصلاحية فعل الضّد للمانعيّة ولو في بعض الصّور أم لا؟ وعلى الثّاني يلزم الخلف لأنه يقتضي عدم كون ترك أحد الضّدين مقدّمة لفعل الآخر ، وهو خلاف الفرض ، وعلى الأوّل يلزم إمكان وقوع الدّور على ما عرفت ، ولو منع عن صلاحية كون فعل أحد الضّدين مانعا عن الآخر بدعوى أن صدق القضية الشّرطيّة ـ وهي في المقام كلما وجد المقتضي لفعل أحد الضّدين كان عدمه حينئذ مستندا إلى وجود الضّد الآخر ـ لا يتوقف على صدق طرفها ، يمكن أن تكون صادقة مع كذبهما كقولك في اللّيل إن كانت الشّمس طالعة كان العالم مضيئا.
نجيب : سلّمنا ذلك إلّا إنّا نقول أن صدقها يتوقف على وجود الملازمة بين الطّرفين ومنع الصّلاحية المذكورة مساوق لمنع الملازمة بين طرفي القضية