تقتضي أزيد من إمكان اجتماع عين أحدهما مع نقيض الآخر عرضا لا طولا ، وليس اجتماعهما إلّا كاجتماع نقيضيهما ، فإنّهما كما عرفت ممكنا الارتفاع ، فكما أنه في صورة اجتماع نقيضيهما لا تقدم لأحدهما على الآخر كذلك في صورة اجتماع عين أحدهما مع نقيض الآخر ، بل ليس اجتماعهما إلّا كاجتماع نقيض أحد الخلافين مع عين الآخر في كونهما مجتمعين من دون ترتب في البين لأحد الطّرفين ، وببيان آخر ، ليس التّنافي وعدم إمكان الاجتماع بين عيني الضّدين إلّا إذا فرضا عرضا وفي مرتبة واحدة ، ضرورة إنّهما إذا فرضا طولا وفي مرتبتين ممكنا الاجتماع ، ففي تلك المرتبة الّتي لا يمكن اجتماعهما عينا يمكن اجتماع عين أحدهما مع نقيض الآخر وبديله ، فعين أحدهما مع نقيض الآخر في مرتبة واحدة من دون أن يكون لأحدهما تقدم طبيعي على الآخر ، إذ لا تقتضى له ، بل لا يعقل ذلك لأنّه إذا توقف فعل أحد الضّدين على ترك الآخر توقف الشّيء على عدم مانعة ، إذ المفروض أن ترك أحدهما من قبيل عدم المانع لفعل الآخر يلزم توقف ترك أحدهما على فعل الآخر توقف الشّيء على عدم مانعة ، لأن هذا قضية فرض التّمانع من كلا الطّرفين والمانعيّة لكلّ من الضّدين ، فيلزم الدّور لوضوح أنه على هذا يلزم توقف فعل كلّ من الضّدين على ترك الآخر وترك كلّ منهما على فعل الآخر وهذا دور صريح.
وربّما يتفصى عنه بأن التّوقف من طرف الوجود فعلي بخلافه من طرف العدم ، فإنّه إنما يكون على فرض وجود المقتضي له مع جميع شرائطه سوى وجود ضدّه ، إذ حينئذ لا يتحقق ترك ذلك الضّد إلّا لأجل وجود الضّد الآخر ، وهذا الفرض لا يكاد يتحقق ، لأن العدم دائما مستند إلى عدم المقتضي له لا إلى وجود المانع عنه ، فلا دور ، لأنّ التّوقف في الطّرفين ليس على نسق واحد ، في طرف الوجود فعلي وفي