بحكم فعلي حينئذ وإن كان واجبا بحسب الحكم الواقعي ، ولذا لو أتى به وترك الأهم استحق الثّواب عليه وكان صحيحا وإن عوقب على ترك الأهم أيضا لتفويت ما فيه من زيادة المصلحة اللازمة.
وبالجملة عدم إمكان خلو الواقعة عن الحكم إنما هو بحسب الحكم الواقعي لا الفعلي ، فيمكن أن يكون أحد المتلازمين محكوما بحكم فعلي ولا يكون الآخر محكوما بحكم كذلك وإن لم يكن خاليا عن حكمه الواقعي ، بل يبقى على ما هو عليه واقعا لو لا الابتلاء بمزاحمة الأهم الواجب فعلا ، فلا وجه لتحريم الضّد الخاص من جهة الملازمة أيضا ، فإذن الأقوى عدم اقتضاء الأمر بالشّيء النّهي عن الضّد الخاص مطلقا لعدم وجود ملاك التّحريم فيه أصلا ، لا من جهة النّفسية حسب الفرض ولا من جهة المقدّمية أو الملازمة كما عرفت تفصيلا.
وأمّا الضّد العام : بمعنى التّرك فقد قيل باقتضاء الأمر بالشّيء النّهي عنه بالجزئية بأن ادّعى أن الوجوب في مقام الثّبوت والواقع وهو الطّلب الأكيد النّفساني والشّوق المؤكد مركب من جزءين طلب الفعل وطلب ترك تركه ففي مقام الإثبات والدّلالة اللّفظيّة يكون الدّال عليه وهو الطّلب الإنشائي دالا على النّهي عن التّرك بالتّضمن.
والتّحقيق : حسب ما يساعد عليه الوجدان بعد مراجعة الإنسان إلى نفسه عند إيجابه فعلا على عبده أن الوجوب مفهوم بسيط وجداني وهو مرتبة شديدة أكيدة من حب الفعل وإرادته والاشتياق إليه وطلبه النّفساني الذي قد يكون داعيا إلى تحريك العضلات نحوه باختيار إيجاده إن كان من أفعاله الاختيارية ، أو تحريك العبد نحوه وبعثه إليه بأمره به إن كان من أفعاله ولا تركب فيه إذ ربّما لا يلتفت