لزوم التّكليف بغير المقدور لعدم تمكن المكلّف من الجمع بين الضّدين ، وهو قبيح فيستحيل صدوره من الحكيم ، وهذا الملاك بعينه موجود في المقام فإن الأمر بغير الأهم المعلق على عصيان الأمر بالأهم أو على العزم عليه وإن لم يكن في عرض الأمر المطلق بالأهم ، إذ ربّما لا يوجد شرط المعلق من أحد الأمرين ، ومعه لا يوجد المعلق ولا ينجز ، بخلاف المطلق فإنّه غير معلق على شرط ، إلّا أن هذا الأمر المطلق بالأهم في عرض المعلق ومرتبته ، لأن المفروض بقاؤه فعلا وعدم سقوطه بتحقق شرط المعلق من العصيان فيما بعد وإن لم يعص بعد أو العزم عليه فعند تحقق شرط المعلق يتنجز التّكليفان ، فيلزم المحذور من لزوم التّكليف بغير المقدور ، مثلا إذا فرض أن المولى يقول لعبده أنقذ ولدي الغريق ، ويقول له أيضا إن عصيت هذا الأمر أو عزمت على عصيانه فأنقذ أخي الغريق ، أو فرض أن الشّارع يقول. أزل النّجاسة عن المسجد فعلا ، ويقول أيضا إن عصيت هذا الأمر أو عزمت عليه فأقم الصّلاة ، فعند تحقق شرط الأمر بإنقاذ الولد أو إقامة الصّلاة يتنجز التّكليفان في عرض واحد مع أن المكلّف لا يتمكن من الجمع بينهما في الامتثال ، فملاك الاستحالة وهو لزوم التّكليف بالمحال موجود في كلا المقامين من دون تفاوت في البين ، وما يصحّ ويصلح لأن يجعل فارقا بينهما أمران.
الأمر الأوّل : إن إيجاب الضّدين فعلا في المقام الأوّل وهو ما لو كان إيجابهما على وجه الإطلاق وفي عرض واحد لما لم يكن لاختيار المكلّف وإرادته مدخل فيه ، فلذا لم يصحّ صدوره من الحكيم ، بخلاف المقام الثّاني وهو لو كان إيجابهما على نحو التّرتب وفي الطّول إذ لاختيار المكلّف وإرادته فيه مدخل فله أن لا يوجد شرط الثّاني ومع هذا اختار إيجاده من عصيان الأمر الأوّل واقعا والعزم عليه فعلا فيصحّ