مكروها ، وقد يكونان متساويتين فيكون مباحا ، وهذا بخلاف المسألة الآتية حيث أن وجود النّهي الفعلي في محل النّزاع فيها مفروغ عنه ، فلا محيص من الالتزام فيها بفساد العبادة.
نعم لو قلنا في مسألتنا بعدم الجواز مع تغليب جانب النّهي يصير موضوعها كالصّلاة في الدّار المغصوبة من صغريات تلك المسألة ، فإن قلنا فيها باقتضاء النّهي فساد العبادة لزم الحكم بفساد مثل الصّلاة ، وإلّا فلا.
فإذن تحقق ممّا ذكرنا أن فرق المسألتين إنما هو بتعدّد جهتي البحث فيهما لا بتعدّد موضوعهما كما أفاده في الفصول حيث قال : «ثمّ إن الفرق بين المقام والمقام المتقدم وهو أن الأمر والنّهي هل يجتمعان في شيء واحد أم لا؟ أمّا في المعاملات فظاهر ، وأمّا في العبادات فهو أن النّزاع هناك فيما إذا تعلق الأمر والنّهي بطبيعتين متغايرتين بحسب الحقيقة وإن كان بينهما عموم مطلق وهنا فيما إذا اتّحدتا حقيقة وإن تغايرتا بمجرّد الإطلاق والتّقييد بأن تعلق الأمر بالمطلق والنّهي بالمقيد» انتهى ، فإن مجرّد تعدّد الموضوعات ذاتا لا يكفي في تعدّد المسائل ما لم يكن بينها اختلاف الجهات المبحوث عنها كما تقدم ، فما افيد في الفصول من الفرق بين المسألتين باختلاف موضوعيهما فاسد لا من جهة عدم اختلافهما فإن هذا مسلم ، بل من جهة أن مجرّد هذا غير كاف في عقد المسألتين ولا بما ذكره بعض آخر من أن النّزاع في المسألة في جواز الاجتماع وعدمه عقلا وفي المسألة الآتية في دلالة النّهي لفظا ، وضوح أن مجرد هذا ما لم يكن اختلاف الجهة المبحوث عنها في كلّ واحدة منهما لا يقتضي إلّا عقد مسألة واحدة وتفصيلا فيها ، لا عقد مسألتين ، مع أنه ممنوع لما سيأتي إن شاء الله من عدم اختصاص النّزاع في