بالامتناع في المجمع وإمكان بقاء جهة الأمر فيه فقط ليس واقعا في محلّه.
والجواب عنه : أنّه إنّما يتوجّه لو كانت المصالح والمفاسد الّتي تستتبعها الأحكام من قبيل الأغراض الخارجيّة لنا في أفعالنا الاختياريّه وأوامرنا في كونها صادرة لأجل الاستكمال ، ولكنّها ليست كذلك ، فإنّه تبارك وتعالى غني على الإطلاق ، وإنّما يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر ، بل هي بمنزلة العدل والإحسان والفحشاء والمنكر ، وبعبارة الاخرى ، هي ما يكون ملاك حكم العقل في الأفعال الاختياريّة بالتّحسين والتّقبيح ، إذ كلّ فعل الاختياري بجميع ما فيه من الجهات إذا عرض على العقل الكامل الوافي بها ، فإمّا أن يحكم بقبح فاعله أي باستحقاقه اللّوم والذّم عليه فيكون قبيحا أو لا فيكون حسنا باختلاف مراتبه حسب اختلاف جهاته وفي اقتضاء الإيجاب أو الاستحباب أو الكراهة أو الإباحة ، وهما بهذين المعنيين متضادان لا يمكن اجتماعهما في مورد واحد ، فالمجمع لا محالة يقع فيه التّزاحم بين الجهات والكسر والانكسار ، وبعد ذلك إمّا أن يكون قبيحا لأجل غلبة جهات قبحه فيختص به النّهي ، وإمّا أن يكون حسنا لأجل غلبة جهات حسنه ، فإذا فرض أنّه يمكن أن تكون جهة الحسن فيه غالية ، فإن كانت بمرتبة تقتضي الإيجاب فأيّ مانع من تعلق الأمر به تخييرا بينه وبين سائر الأفراد ، وإن لم يكن مثلها في مرتبة حسنها ، حيث أنّ جهات حسنها لا تكون مزاحمة بجهات اخرى بخلافه ، إلّا أن مجرّد هذا لا يوجب خروجه عن تحت الطّبيعة المأمور بها إن لم يكن على حد سائر الأفراد ، فما نسب إلى مشهور من حصول الكسر والانكسار في المجمع وإمكان بقاء جهة الأمر فيه واقع في محلّه ، والإشكال عليهم إنّما نشأ من قياس المصالح والمفاسد الّتي تستتبعها الأحكام الشّرعيّة