البديهي أن هذا غير ممكن فكذلك اجتماع الحكمين فيه لبداهة التّضاد بينهما ، ولا فرق فيما ذكرنا بين وجود المندوحة في المجمع بأن كان المكلّف متمكنا من امتثال الأمر في ضمن فرد آخر غير المجمع وعدمها ، إلّا في لزوم التّكليف بالمحال في صورة عدم المندوحة وعدم لزومه في صورة وجودها ، وهذا محذور آخر على مذهب من ينكر التّكليف بغير المقدور ، وهب إنّا نتكلّم على مذهب الأشعري الّذي يجوز التّكليف بغير المقدور ونصرف النّظر عن هذه الجهة هل عند عدم المندوحة غائلة لزوم التّكليف المحال ترتفع أو باقية ، فإن كانت باقية فلا فرق في امتناع الاجتماع بين هذا الصّورة وصورة وجود المندوحة ، ولذا ذكرنا في المقدّمات أنّه لا يعتبر في موضوع المسألة وجودها ، فإن الجهة الّتي هي العمدة في المسألة وهي لزوم اجتماع الضدّين في المجمع وعدمه فيه لا يتفاوت بين الصّورتين كما لا يخفى ، ولا فرق أيضا فيما ذكرنا بين القول بتعلّق الأحكام بالطّبائع أو الأفراد حسبما مرّ تحقيقه غير مرّة ومع هذا ربّما يتوهّم أنّ المهمّ في المقام تحقيق هذا بدعوى أنّه على القول بتعلّقها بالطّبائع لا مانع من الاجتماع لتعدد متعلّقي الأمر والنّهي طبيعة في المجمع ، ولذا قال لا حاجة إلى المقدّمة الثّالثة وكأنّه توهّم أمرين وإن كان كلامه قاصرا عن إفادة مرامه.
أحدهما : كون الطّبيعي الّذي يتعلّق به التّكليف غير الفرد ولا عينه ، بل يكون الفرد محصّلا له ووافيا لغرضه نظير أداء الدّين بغير جنسه ، فيكون الطّبيعي مطلقا باقيا على كلّيّته لعدم اتّحاده مع الفرد الخارجي.
وثانيهما : كون الطّبيعيين اللذين تعلّق بأحدهما الأمر وبالآخر النّهي في مثل الصّلاة في الدّار المغصوبة عنوانا الصّلاة والغصب.