وكلا التّوهمين فاسد ، ويتّضح فسادهم بتوضيح المقدمة الثّالثة ، فتارة نتكلم في مقام رفع التّوهم باللّسان العلمي واخرى بغيره.
أمّا بالأوّل : فنقول لا شبهة في أنّ متعلّق التّكليف هو الطّبيعي الصادر عن المكلّف أعني ما يوجد في الخارج بإيجاده ويكون ما بحذاء مفهوم الوجود على القول بأصالته أو مفهوم الماهيّة على القول بأصالتها ، وشغل الطّبيعي ووظيفته أنّه متى وجد في موطن الذّهن ينتزع عنه الكليّة من حيث قبوله للصّدق على كثيرين ، ومتى وجد في موطن الخارج ينتزع عنه الجزئيّة من حيث عدم قبوله للصّدق على كثيرين ،. لكنّه في أي موطن وجد يكون عين الموجود فيه حقيقة ومتّحد معه خارجا أو ذهنا لا أنّهما متغايران ، والفرد محصّل لغرضه ومقدّمة لوجوده على ما إدّعاه الرّجل الهمداني ، ولذا تجتمع فيه الأضداد من الكثرة والوحدة ونحوهما ، لأنّ كلّ وجود منه في الذّهن أو الخارج مغاير لوجوده الآخر فيه ، ولذا قلنا أنّ نسبته إلى الأفراد نسبة الآباء إلى الأولاد لا نسبة الأب الواحد إلى الأولاد ، فلا يكاد يتفاوت القول بتعلّق التّكليف بالطّبيعي أو الفرد إلّا في كون الخصوصيّات المنضمة إليه خارجة عن متعلّق التّكليف من قبيل اللوازم للمطلوب أو المبغوض على القول الأوّل ، وداخله فيه من قبيل الأجزاء والمقومات للمطلوب أو المبغوض على الثّاني ، وعلى القولين لا يتفاوت الطّبيعي الّذي تعلّق به التّكليف عن الفرد الخارجي وجودا وماهيّة وليس في موطن الخارج إلّا وجود واحد وماهيّة واحدة وإلّا لم يكن الممكن مركبا زوجيا من وجود وماهيّة ، وهذا ممّا لا إشكال ولا خلاف فيه ، إنّما الخلاف في أنّ الأصيل فيهما ما هو؟ هل الوجود أو الماهيّة؟ وليس متعلّق التّكليف الطّبيعي الذّهني قطعا كي يقال أن طبيعيا الصّلاة والغصب مثلا في الذهن