وإلّا يلزم الدّور على ما بيّناه في مسألة الضّد ، نعم ، الخروج عن الأرض المغصوبة مقدّمة للدّخول في غيرها ، وهو ضدّ للبقاء فيها ، وقد أثبتنا في مسألة الضّد أنّ وجود أحد الضّدين ليس مقدّمة لعدم الآخر ، فضلا عن مقدّماته ، وإلّا لزم الدّور المحقّق ، لأنّ مقدّمية ترك أحد الضّدّين لوجود الآخر مسلّم عند القائلين بحرمة الضّد من باب المقدّميّة ، فلو كان وجود الضّد أيضا مقدّمة لترك الآخر أيضا لزم الدّور ، والأمر في المقام هكذا ، فإنّ الدّخول في خارج الأرض المغصوبة إن كان مقدّمة لما هو اللازم أعني ترك الغصب زائدا على مقدار السّاعة مثلا وهو أيضا مقدّمة للدّخول في خارجها بناء على أنّ ترك أحد الضّدّين مقدّمة لوجود الآخر لزم الدّور ، أو لا بدّ من الالتزام بعدم لزوم ذلك التّصرّف ، أي الزّائد على السّاعة ، وهذا خلف.
وبالجملة ، ليس بين الخروج وبين ما هو متعلّق النّهي إلّا التّضاد ، وقد حققناه في مسألة الضّد أن النّسبة بين عين أحد الضدّين ونقيض الآخر ليس إلّا التلازم لا تقدّم ولا ترتّب في البين في شىء من الطّرفين ، ولذا أبطلنا القول باقتضاء الأمر بالشّىء النّهي عن ضدّه من باب المقدّميّة ، مع أنه لو سلّم المقدّميّة في طرف العدم بأن يكون عدم أحد الضّدين مقدّمة لفعل الآخر على ما ادعاه القائل بالاقتضاء من باب المقدّمية في مسألة الضّد لم يكن ما نحن فيه من هذا القبيل ، بل عكسه ، حيث أنّ المقدميّة المدّعاة فيه في طرف الوجود ، والالتزام بالمقدّميّة في كلا الطّرفين يستلزم الدّور ، وامتناع اختلاف المتلازمين في الحكم لا يقتضي أزيد من سقوط التّكليف الفعلي عن غير الأهمّ منهما لا ثبوت حكم الأهمّ لغيره أيضا ، وكما أنّ العقل عند تزاحم الواجبين المختلفين يلزمنا إلى تقديم الأهمّ ، كذلك يلزمنا عند