وإرادته لغيرها محلّ نظر ، إذ لا مانع عقلا من ارتفاع الحرمة عن بعض أفراد الطّبيعة الّتي تعلّقت به الحرمة باختيار فرد آخر ، فانّه حينئذ من قبيل انقلاب الموضوع وما نحن فيه من هذا القبيل ، فإنّه باختيار الدّخول في الأرض المغصوبة وهو فرد من أفراد الغصب يرتفع حكم فرد آخر ، أعني الخروج بناء على ثبوت الحرمة له أيضا قبل اختيار الدّخول فيها ، ولا محذور عقلا في هذا النّحو من الانقلاب ، نعم ارتفاع حكم فرد من متعلّق الحرمة بإيجاد نفس ذلك الفرد بسوء الاختيار غير معقول ، إلّا أنّ ما نحن فيه ليس كذلك كما يظهر بالتّأمّل.
وممّا ذكرنا ، ظهر فساد قياس الخروج عن الأرض المغصوبة بمثل شرب الخمر المتوقّف عليه حفظ النّفس من الهلاك في أنّه يتّصف بالوجوب وإن أوقع نفسه فيما يؤدّي إلى شربه بسوء الاختيار لوجهين :
أحدهما : كون مثل شرب الخمر حينئذ مقدّمة لما هو اللازم قطعا من حفظ النّفس المحترمة بخلاف الخروج ، فإنّه حسب التّحقيق ليس مقدّمة لما هو اللازم عقلا وشرعا في التخلّص عن الحرام ، أعني ترك الغصب زائدا على مقدار الخروج بل ملازما له.
وثانيهما : تبدل الموضوع في مثل الشّرب الخمر للتّداوي ، فإنّه من العناوين الطّارية لمثل الشّرب من المحرّمات المقتضية لانقلاب أحكامها ، سواء كان سوء اختيار المكلّف هو الوجه والسّبب في ذلك أم غيره ، سلّمنا أن تمريض النّفس حرام ، لكن بعد حدوث المرض الّذي ينحصر رفعه بمثل شرب الخمر يتبدّل الموضوع والمكلّف ، فيدخل في عنوان آخر ، أعني ممن يجب عليه التّداوي بمثل شرب الخمر حفظا للنّفس ، وليس حال هذا الشّخص إلّا حال المرأة الّتي تشرب