كي يأذن فيه فان مثل هذا الأمر الخطير يعدّ الإقدام عليه من غير استيذان من المولى عصيانا له ، ولذا لو عاتبه وعاقبه عليه كان حسنا ولم يكن ملوما عند العقلاء ، فينكشف عن أنّ الأقدام على مثل هذا التّصرف كان عصيانا إلّا له ، وفكيف يحسن عقابه والعصيان أمر عقلي كلّما صدق موضوعه عند العقل والعقلاء كان قبيحا ، وقد عرفت أنّه يصدق على مثل هذا النّحو من التّصرف الغير المأذون فيه وإن لم يكن فيه منع من المالك قبله ، وليس مثل عقد الفضولي في ملك غيره من قبله ترقبا للإجازة ، فإن عقد كذلك لا يعدّ تصرفا في سلطان الغير ، وليس الأمر كذلك في حقّه تبارك وتعالى ، فانه لمّا شرع أصل النّكاح ورخص في إنشائه وإمضائه وإن علقه في حق العبد على رضا مولاه ، فلذا نفى عنه العصيان بالنّسبة إليه تعالى وأثبته في حقّ المولى ، فاذا أقدم عليه من دون استيذان فيه كان عاصيا له ابتداء لا عاصيا له تعالى ، وعصيان المولى وإن كان يستلزم عصيان الله سبحانه أيضا من جهة أنّ مخالفة مولاه مخالفة لايجابه عليه إلّا اطاعته ، أنّ العصيان من هذه الجهة غير العصيان من تلك الجهة ، أعني الإقدام على النكاح من دون مراجعة المولى ، فإنّه مختص به ولا يجري في حقّه تعالى حسب الفرض ، فإذا ارتفع ذلك العصيان أيضا بلحوق إجازة المولى له يرتفع المانع من النكاح ، فيؤثر المقتضي فيه ، والحاصل أنّ مدلول الرواية أنّ العبد لم يوقع ما لم يرخّص الله تعالى فيه ولم يمضه اصلا كي لا يمكن وقوعه ، بل إنّما أوقع ما لم يرخّص فيه المولى لكونه تصرفا في سلطانه ، فاذا رضي به وأجازه جاز ، لأنه تعالى أذن فيه وأمضاه معلقا على إذن المولى أو إجازته ، فاذا حصل المعلّق عليه يزول المانع ، فيترتب عليه الأثر ، فلا تدلّ الرّواية إلّا على أنّ ما لم يمضه الشّارع أصلا في المعاملة يقع فاسدا ، فلا تدلّ على