المدعى وهو أنّ الحرمة الذّاتيّة للمعاملة تقتضي الفساد ، لأنّها على ما ذكر إنّما تدلّ على أنّ الحرمة التّشريعيّة لها تقتضي الفساد ، وهذا ممّا لا شبهة فيه ، وقرينة حمل المعصية المنفيّة في طرفه تبارك وتعالى على هذا المعنى إرادته منه في طرف المولى حيث أثبتها الإمام (ع) في حقّه ، ومن المعلوم أنّه لم يمضه ولم ينفذه ولو لعدم اطلاعه عليه ، لا انّه حرّمه عليه ونهى عنه ، وممّا ذكرنا في تضعيف الاستدلال بالرّواية يظهر حال سائر الأخبار المستدل بها في المقام ، فإنّها في جهة الاستدلال بها معها على السّواء ، فالجواب عنها أيضا الجواب.
بقي في المقام شىء وهو أنّه حكي عن أبي حنيفة والشّيباني في القول بأن النّهي يقتضي الصحّة مطلقا ، وعن بعض المحققين منّا موافقتهما في ذلك ، وغاية ما يمكن أن يستدل به لهم أن متعلق النّهي كالأمر لا بدّ من أن يكون مقدورا للمكلّف ، لقبح التّكليف بغير المقدور ، فاذا تعلق النّهي بمعاملة أو عبادة كشف عن كونها مقدورة ، وقضيّة هذا وقوعها بعد تعلق النّهي بها محرّمة وعصيانا للنّهي ومخالفة له وإلّا لم تكن مقدورة ، فلم يصحّ النّهي عنها إذا كانت واقعة ، فيترتب عليه الأثر لعدم انفكاكها عنه ، وهذا معنى صحّتها فيقتضى النّهي.
والتّحقيق ، أنّ قضية النّهي التّحريمي الذي هو محلّ الكلام في المقام عن المعاملة بحسب اختلاف أقسامها المتقدّمة تختلف إن تعلّق بالسّبب لا بما هو سبب ، بل بما هو فعل من الأفعال كإيقاع صيغة (بعت واشتريت) لا بما هو سبب البيع الحقيقي أعني التّمليك والتّملك ، كما أنّه لا يقتضي الفساد حسبما عرفت سابقا كذلك لا يقتضي الصحّة ، فإنّه لا يقتضي أزيد من كون متعلقه مقدورا للمكلّف ، وأمّا أنّه بعد وقوعه مما يترتب عليه الأثر أوّلا فلا ، فالنّهي عن المعاملة في هذا القسم لا يقتضي الفساد و