الانتفاء ، فكذلك في الاستثناء ، فالمستفاد منه في مثل المثالين ليس إلّا عدم دخول زيد في حكم المستثنى ، وأمّا أنّ حكمه موافق له أو مخالف أو مردّد فيه بعد في نظر المتكلّم فهو مسكوت عنه نفيا وإثباتا.
وعلى هذا فلو صرّح المتكلّم بعد قوله : «جاءني القوم إلّا زيدا» بمجيئه أيضا لكنّ بنحو خاص من المجيء من الرّكوب أو المشى أو نحوهما أو تردّده في مجيئه لم يكن منافيا لما ذكره أوّلا ، ولكن لا شبهة في كون هذا المعنى خلاف ما هو المتبادر من الجملة الاستثنائيّة في أي لغة كانت ، ولذا لم يحك خلاف في ذلك إلّا عن المخالف ، واستدلاله بمثل : لا صلاة إلّا بطهور ، ضعيف جدّا.
أمّا أوّلا : فلظهوره عرفا في كون مسوقا لبيان إنّ الصّلاة لا تكاد تتحقّق ولا يمكن أن تكون صلاة على مذهب الصّحيحي أو جامعة لما يعتبر فيها من الأجزاء والشّرائط والموانع عن مذهب الأعمي أو مأمورا بها مع الطّهور أو الفاتحة ، ومن الواضح أن دلالته على هذا صحيح ولا محذور فيه قطعا.
وأمّا ثانيا : فلأنّ عدم الدّلالة لأجل القرينة القطعيّة كما في مثل لا صلاة إلّا بطهور ممّا لا ينكره القائل بالدّلالة ، ولو انضمّ إليه دعوى أنّه يستند إلى إطلاق الجملة لا إلى القرينة فهي ممنوعة ، لأنّها مساوقة لإنكار الدّلالة مطلقا من غير خصوصيّة في مثل المثال المذكور ، وبالجملة إن كان المراد أنّ عدم الدّلالة فيه لأجل خصوصيّة فيه معلومة من ضرورة أو إجماع فلا يجدي في مقام الاستدلال ، وإن كان المراد أنّه لأجل عدم دلالة الجملة عليه مطلقا فهو ممنوع ، ولا اختصاص حينئذ بالمثال المذكور.
ومن هنا ظهر ضعف الاستدلال لإثبات الدّلالة بقبول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إسلام