من قال كلمة التّوحيد ، أعني «لا إله إلا الله» بتقريب أنّها لو لم تدلّ على الحصر لم يكن وجه لقبول إسلام من قال بها ، وجه الضّعف إمكان دعوى أنّها في مقام الإيمان بالله ، والتّوحيد ظاهرة فيه ، فكان قبول قول من قال بها لأجل احتفافها بالقرينة الحاليّة ، فلا يكون دليلا على المدّعي ، ولو ادّعي أن دلالتها عليه لأجل ظهور إطلاق الكلام فيه لا لأجل القرينة ، نقول : أنّ هذا مسلّم ، ولكن لم يكن لخصوصها شهادة ودلالة على المدّعى كما لا يخفى ، فالأولى في الاستدلال ما ذكرناه من دعوى التّبادر والانسباق عند الإطلاق مطلقا من غير فرق بين كلمة التّوحيد وغيرها ، نعم ، الكلام في أنّ الدّلالة ، مذكورة هل هي بالمفهوم بمعنى أنّها لازم خصوصيّة المعنى الّذي أخذ في طرف المستثنى منه ، بأن يدّعى أن مجموع الجملة الاستثنائيّة يدل على أنّ الحكم إيجابا كان أو سلبا مختصّا ومنحصرا بالمستثنى منه ، حيث أنّ لازم هذا كون حكم المستثنى خارجا عنه ، وكون حكمه ، مخالفا لحكمه أو بالمنطوق بمعنى أنّها بإزاء كلمة الاستثناء خاصّة لا مجموع الجملة ، بأن يدّعى أنّ ما قبل كلمة الاستثناء لا يدلّ على أزيد من ثبوت الحكم إيجابا كان أو سلبا للمستثنى منه ، وهي تدلّ على ثبوت الحكم المخالف بالمستثنى كأنّها جملة دالّة عليه ، ولعلّ هذا هو المرتكز في الأذهان ، فيه قولان.
ولا يخفى ، أنّ هذا الخلاف ممّا لا تظهر ثمرة عمليّة عليه لعدم اختصاص كلّ من المفهوم والمنطوق بأثر خاصّ شرعي كي يرتّب عليه عند تشخيصه ، أنّه لو اريد بيان ما هو الحقّ والواقع بحسب الاصطلاح لم يكن الأوّل بعيدا ، بل لا بدّ من الالتزام به بعد تسليم مقدّمتين : كون كلمة الاستثناء من الحروف ، وكون المعاني الحرفيّة غير مستقلّة بالمفهوميّة لأنّها من أحوال معاني أطرافها القائمة بها ذهنا قيام