بها الطّبيعة المبهمة المهملة فلا تفيد العموم بالنّسبة إلى جميع ما يصلح أن تنطبق عليه ، بل إن كان لها قدر متيقّن تفيد العموم بالنّسبة إلى ذلك المقدار لا أزيد ، وإلّا فتصير مجملة ، لأنّ المهملة في قوّة الجزئيّة ، فتفيد السّلب في الجملة لإمكان أن يكون المراد بها حينئذ بعضا معينا واقعا وإن لم يعيّن وقت الخطاب إن كان متقدّما على وقت الحاجة أو كان عدم تعينه على حسب الحكمة ، ولذا لو عيّنه المتكلم حينئذ لم يكن ما عيّنه ثانيا منافيا لما أبهمه وأهمله أوّلا ، أو بعضا غير معيّن لا أزيد منه واقعا على حسب ما تقدم في القسم الأوّل ، وأن لا يكون له تعيين على أحد الوجهين عند المتكلم حين الخطاب إن كان متقدّما على زمان الحاجة لتحيره بعد في تحديد موضوع حكمه وإن أنشأه في الجملة ، لأنّ مجرّده لا يقتضي تحديده حين الخطاب من جميع الجهات ، إنّما اللازم تحديده وقت الحاجة أفرض أنّه يعيّنه فيه ، ففي هذا الصّور لا وجه لإفادتها عموم السّلب بالنّسبة إلى جميع ما تصلح للانطباق عليه من الأفراد لإنّها حسب الفرض ما أخذت مطلقة مرسلة وبوجودها السّعي كى تفيد العموم كذلك ، بل أخذت مهملة مبهمة ولا كاشف عن ما هو المراد واقعا ، بل ربّما لا يكون له تعين واقعي كى يفرض له كاشف ، فكيف يؤيّد عموم السّلب بالنّسبة إلى جميع الأفراد.
ومن هنا انقدح حكم صورة الشّك ، فإنّها فيها لا تفيد إلّا عموم السّلب بالنّسبة إلى تيقّن بإرادته منها إن كان ، وإلّا فتكون مجملة ، ولا ينافي هذا كونها دالّة على العموم عقلا ، لأنّه لا يحكم بالعموم إلّا بمقدار دائرة ما أريد من الطّبيعة مطلقة أو مقيّدة ببعض الخصوصيّات والوجودات ، كما أنّ لفظة كلّ وما يراد منها ونحوها ممّا يدلّ على العموم وضعا لا تقتضي العموم والاستيعاب إلّا بالنّسبة إلى جميع ما أريد