إذا اتّفق إن من لم يضيفه من الجيران كان في الأصدقاء ، بخلاف ذلك المقام فإنّه صدر عن المولى حجّة أقوى من العام على خلافه ، أعني المخصّص المنفصل كقوله : لا تكرم الفسّاق من العلماء ، بعد قوله : أكرم العلماء ، فإنّه كاشف عن وجود الفاسق فيهم وإلّا لكان لغوا وهذه الحجّة الأقوى ، أعني المخصّص المنفصل أمّا أن تكون قرينة على إرادة الباقي من العام جدا واستعماله فيه مجازا كما يراه القائل بالمجازية ، فلا يكون للعام حينئذ ظهور في العموم ولا حجّيّة فيه كي يتمسّك به فإن العام المخصّص بالمنفصل على هذا التّقدير يكون كالمخصّص بالمتّصل ، فيصير قوله أكرم العلماء ، بعد مجيء لا تكرم الفسّاق بعده منفصلا بمنزلة قوله أوّلا : أكرم العلماء العدول أو العلماء غير الفاسقين ، ومن الواضح أنّه لا يصحّ التمسّك بالعام حينئذ حسبما عرفت في المخصّص المتّصل ، وإمّا أن تكون قرينة وإمارة على إرادة غير العموم في العام جدا لا استعمالا لكون المستعمل فيه مطلقا هو العموم على وجه القاعدة والضّابطة كما يراه القائل بالحقيقة ، فلا يبقى العام حينئذ على حجّيّته في العموم مع بقاء ظهوره فيه ، لأنّ المخصّص على هذا التّقدير إنّما يتصرّف في حجّيّة العام لا في ظهوره لبقائه على حاله.
ومحصّل الفرق بين القولين : إن العام على الأوّل مجاز لاستعماله في الباقي والمخصّص قرينة عليه ليكون أكرم العلماء بعد مجيء لا تكرم الفسّاق منهم بمنزلة أكرم العلماء العدول أو الغير الفاسقين ظهورا وحجّيّة وعلى الثّاني حقيقة لاستعماله في العموم وإن كان المراد به جدا غير بقرينة المخصّص فإنّه على هذا لا يكون قرينة على التّصرّف على حجّيّته في العموم لا في ظهوره فيه ، فيكون أكرم العلماء بعد مجيء المخصّص بعده على هذا التّقدير بمنزلة قوله : أكرم العلماء العدول أو الغير