أحدها : الالتزام بتخصيص الادلّة الدّالّة على اعتبار الرّجحان في متعلّق النّذر في هذين الموردين ، ولكن قضيّة هذا سقوط النّذر بفعل الصّوم في السّفر والإحرام قبل الميقات بأي وجه كان ولو رياء وبدون قصد القربة ، لأنّ وجوب الوفاء بالنّذر لا يكون إلّا توصليّا لا يعتبر في سقوطه قصد القربة قطعا ، فلا يفي بدفع الإشكال الّذي يورد في المقام وهو أنّ ناذر الصّوم في السّفر أو الإحرام قبل الميقات إنّما نذر فعله عباديّا ، ومن الواضح إنّ عبادته متوقفة على وجود الرّجحان فيه ، فمع فرض عدم الرّجحان في الصّوم في السّفر والإحرام قبل الميقات يكون الإتيان بهما على وجه العبادة محالا ، فلو انعقد النّذر بفعلهما كذلك ولزم الوفاء به لزم التّكليف بغير المقدور ، إلّا أنّ يقال أنّه لا يعتبر في صحّة التّكليف تعلّق القدرة بالمكلّف به لا من جهة التّكليف ومع قطع النّظر عنه ، بل كفي كونه مقدورا ولو من جهة نفس التّكليف فإنّ اعتبار هذا الشّرط عقلي وهو لا يحكم باعتبار أزيد من كون المكلّف به مقدورا حين الإيتان به ولو من جهة نفس التّكليف ، وبعد تعلّق النّذر بالصّوم في السّفر والإحرام قبل الميقات يتمكن المكلّف من الإتيان بهما على وجه العبادة ، وإن لم يكن الأمر بالوفاء بالنّذر تعبديّا يجب الإتيان بهما على وجه العبادة بناء على أن طبعهما يقتضي أنّه مهما تعلّق الأمر بهما يكون عباديّا ، وإن فرض أنّ الأمر والوفاء بالنّذر يكون في نفسه توصليّا وعلى هذا فتثبت القدرة على الإتيان بهما في السّفر وقبل الميقات على وجه العبادة بنفس الأمر بالوفاء بالنّذر ، ولذا يصحّ تعلّقه بهما وإن كانا غير مقدورين مع قطع النّظر عنه ، ويثبت اعتبار الإتيان بهما على وجه العبادة وعدم صحّة الإتيان بهما بداع آخر بمقتضى طبعهما بدعوى أنّه يقتضي مهما تعلّق الأمر بهما أن يكون عباديّا.