بترك عبادة مرجوحة يستلزم النّهي عنها ، فإذا فرض أن المكلّف لا يتمكن من حنث هذا النّذر ، وبعبارة اخرى من مخالفة هذا النّهي ، فكيف يمكن انعقاد النّذر حينئذ ، لأنه يستلزم التكليف بغير المقدور ، لأنه يقال : القدرة الّتي يعتبرها العقل في صحة التّكليف إنما هي القدرة الحاصلة في متعلقه قبله لا مطلقا حتى مع فرض وجود وبعده أيضا اذ لا يمنع العقل من صدور تكليف يكون هو بنفسه موجبا لسلب القدرة عن المكلّف بعد ثبوتها فيه قبله ، والنّهي عن العبادات بناء على أن حرمتها تشريعيّة من هذا القبيل سواء كان أصليا كنهي الحائض منها أو تبعيا ناشئا عن غيره كما في المقام ، فإن النّهي عن العبادة المنذور تركها ناش من النّذر فإن محصل معناه عدم وقوع متعلقه من العبادة في الخارج فيكون إرشاد الى عدم تعلق القدرة عليها كما أن الامر بالوفاء بالعقود في المعاملات كذلك فهو ايضا ارشاد إلى عدم تعلق القدرة بايجاد ما يخالف مقتضاها.
وبالجملة ، الأوامر الدّالة على وجوب الوفاء بالنّذر ليس إلّا مثل قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فكما أن معنى وجوب الوفاء بالعقد ليس إلّا وقوع مقتضاه في الخارج بعد وقوعه قهرا من الملكيّة أو الزوجيّة أو الطّلاق أو العتاق أو نحو ذلك كذلك معنى وجوب الوفاء بالنّذر ليس إلّا وقوع مقتضاه في الخارج بعد وقوعه ، فإن كان متعلقه أمرا خارجيا نظير شرط النّتيجة اقتضى وجوب الوفاء به وقوع هذا الأمر في الخارج كما لو نذر أن يكون ماله المعين صدقة فإنه بعد صدور النّذر يصير صدقة من دون حاجة لأمر آخر كايقاع عقد ، وإن كان فعلا اختياريا من أفعال نفسه أو تركا كذلك اقتضى وجوب الوفاء به وجوب ذلك الفعل أو الترك تكليفا ، كما لو نذر أن يتصدق بماله المعين فإنه بعد النّذر يجب عليه أن يتصدق ، وإن