فلو كان العمل محقّقا للتقليد كان التقليد مسبوقا بالعمل فيلزم سبق الشيء على نفسه.
وفيه ما لا يخفى من عدم صحّة المقدّمة الثانية ، فإن التقليد حينئذ نفس العمل الكذائي لا انه مسبوق به ومتوقّف عليه ، وتوضيحه : انّ العمل يكون على نحوين :
١ ـ العمل المستقلّ.
٢ ـ العمل التابع للغير.
والثاني هو التقليد ، فالتقليد هو نفس العمل الكذائي ـ أي العمل الصادر عن الشخص تبعا للغير ـ لا انه متوقّف عليه ومتأخّر عنه.
والتحقيق ـ كما ظهر ممّا ذكرنا آنفا ـ : انّه لا فائدة في البحث عن مفهوم التقليد لأنّه لا يثمر شيئا ، إذ ليس في الأدلّة الدائرة في المقام شيء مترتّب على لفظ «التقليد» حتّى يلزم علينا البحث عن معناه ، فالمهمّ بيان ما هو وظيفة الجاهل في مقام الخروج عن عهدة التكاليف الشرعيّة.
ولا ريب ان وظيفته هي العمل على طبق فتوى المجتهد ، كما انّ وظيفة المجتهد هي العمل على طبق ما استنبطه ، كما ان المهم في بحث جواز البقاء على تقليد الميّت وعدمه ـ كما سيجيء إن شاء الله تعالى ـ هو البحث عن انّ الأدلّة التي اقيمت على لزوم رجوع الجاهل إلى العالم تأسيسا أو امضاء هل تشمل الميّت أيضا ابتداء أو بقاء أم لا؟ وعلى تقدير الشمول هل المانع عنه موجود أم لا؟
والمهم في بحث جواز العدول عن المجتهد إلى المساوي هو البحث في ان التخيير المستفاد من الأدلّة هل له اطلاق يشمل جميع الأحوال حتى بعد