هذه هي ادلة القائلين بوجوب تقليد الأعلم وقد عرفت انها كلّها مخدوشة الّا الثالث منها وهي السيرة بتوضيح تقدم وعرفت ان مقتضى الأصل ايضا ذلك والحريّ حينئذ هو البحث عن ادلة القائلين بالتخيير بين الأعلم وغيره. (١)
والكلام فيها أيضا يقع في مقامين :
المقام الأوّل : في الأصل العملي.
والثاني : فيما تقتضيه الأدلة الاجتهادية.
أمّا الأصل فتقريبه بوجهين :
الأوّل : الاستصحاب.
وهو استصحاب التخيير الثابت فيما إذا كانا متساويين في العلم ثم صار أحدهما أعلم من الآخر ويتم في غير هذا المورد بالإجماع المركب.
وفيه ان التخيير الثابت في المقام لم يكن الا حكم العقل بجواز رجوع العامي إلى أيّ منهما شاء من جهة كونهما متساويين في الفقاهة ، فإذا صار احدهما اعلم وانتفى التساوي الذي هو ملاك حكمه وموضوعه لا يكون الموضوع باقيا حتى يستصحب فينتفي الحكم بانتفاء موضوعه.
الثاني : اصالة البراءة عن وجوب تقليد الأعلم المقتضية للتخيير بين الأعلم وغيره وذلك من جهة ان ايجاب العمل بفتوى خصوص الأعلم يوجب الضيق على المكلف العامي فينفي باصالة البراءة نظير الشك في ان الواجب عتق مطلق الرقبة او خصوص المؤمنة مع عدم اطلاق دليل ينفي
__________________
(١) فيتحقّق المنجزية التخييرية والمعذرية التخييرية في قبال التعيينيّة فالمنجّزية التخييرية بمعنى استحقاق العقاب على مخالفة الواقع في صورة ترك موافقتهما والمعذرية التخييرية بمعنى حصول البراءة عن الواقع وعدم استحقاق العقاب بموافقة إحداهما.