جهة كونه عاقلا ومن جهة ايمانه بخالقه وصفات جلاله وجماله وانه تعالى بلطفه ومنّه «قد بعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبيائه ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكّروهم منسيّ نعمته ، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول ويروهم الآيات المقدّرة من سقف فوقهم مرفوع ، ومهاد تحتهم موضوع ، ومعايش تحييهم ، وآجال تفنيهم ، وأوصاب تهرمهم ، وأحداث تتابع عليهم ، ولم يخل سبحانه خلقه من نبيّ مرسل أو كتاب منزل أو حجّة لازمة أو محجّة قائمة». (١)
يحكم عقله حكما قاطعا بأنه يلزمه الشكر لنعمه المتوافرة ، وهو لا يحصل إلّا بالعمل بأحكامه تعالى اجتهادا أو تقليدا أو احتياطا.
الاجتهاد هو الأصل الوحيد
وليعلم انّ الاجتهاد وهو التصدّي لتحصيل العلم بالحجّة للاستناد إليها في مقام العمل هو الأصل الوحيد والركن السديد من بين الامور الثلاثة المتقدّمة «الاجتهاد والتقليد والعمل بالاحتياط».
وأما التقليد : وهو العمل برأي من قامت عنده الحجّة على الحكم الشرعي ، ويقتضيه ارتكاز العامي وفطرته الحاكمة برجوع الجاهل إلى العالم ، وعليه أيضا جرى بناء العقلاء في حياتهم الاجتماعية ، فهو انّما تصل إليه النّوبة بعد العجز عن الاجتهاد ، وفي ظرف عدم القدرة عليه ، فهو في طول الاجتهاد بحسب المرتبة لا في عرضه.
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة الاولى.