وقد ظهر ممّا ذكرنا ان أصل لزوم التقليد عقلي ، ولا يمكن أن يكون تعبّديا وتقليديّا لاستلزامه حينئذ الدّور أو التسلسل ، لأنّ وجوب الرجوع إلى زيد «المجتهد مثلا» لو كان بتقليد عمرو «المجتهد» ننقل الكلام إلى قول عمرو ، فبأيّ دليل صار حجّة ، فإن كان بسبب قول بكر وهكذا يلزم التسلسل (والمراد من التسلسل في أمثال المقام هو عدم انتهائه إلى حدّ يقف فيه لا التسلسل الفلسفي) وإن رجع حجّية قول عمرو إلى قول زيد مثلا يلزم الدور ، وسيأتي البحث في بعض الجوانب الأخر من التقليد.
وأمّا العمل بالاحتياط فهو : أوّلا : مما لا يمكن في جميع الموارد لاستلزامه اختلال النظام لكثرة المحتملات وكذا في أغلب الموارد لاستلزامه العسر والحرج «ولذلك لم نر من يعمل به من بين المسلمين».
وثانيا : انه لا يتمشّى فيما إذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة ، وفيما إذا كان محتمل الوجوب عبادة واحتمل المكلّف عدم جواز الامتثال الإجمالي في العبادات عند التمكّن من امتثالها تفصيلا اجتهادا أو تقليدا ، وكذا إذا احتمل دخالة قصد الوجه والتمييز ولو بالاجتهاد أو التقليد ، فيلزم عليه حينئذ الاجتهاد ولو لم يمكن فالتقليد ، فانقدح ان العمل بالاحتياط ليس في عرض الأوّلين بحسب المرتبة ، بل في طولهما ، فالاجتهاد هو الأصل الوحيد والركن السديد كما ذكرنا.
الاجتهاد
وأخصر ما قيل في تعريفه انه : تحصيل الحجّة على الحكم عن ملكة.