المفضول بمجرّد اعذار غير وجيهة كبعد الطريق وكثرة المراجعين ومشقة الرجوع اليه ولو كانت قليلة وامثال ذلك ممّا يعلم انه لو حكم العقل الزاما بالترجيح لما تكون تلك الأعذار وجيهة لدى العقل هذا مع علمهم اجمالا بمخالفة أصحاب الفن في الرأي في الجملة فليس ترجيح الأفضل الّا ترجيحا غير ملزم واحتياطا حسنا». (١)
وفيه ان الناظر في سيرة العقلاء وسلوكهم الاجتماعي لا يكاد يشك في انهم في الامور المهمة في حياتهم اذا علموا باختلاف المتخصصين والمهرة في انظارهم وافكارهم يرون الرجوع الى الأعلم والأفضل منهم ـ في صورة الإمكان ـ أمرا لازما بحيث يرون المخالف في ذلك مستحقا للتوبيخ والمؤاخذة وما ذكره «قدس سرّه» من المراجعة الى المفضول معتذرا بأعذار غير وجيهة كبعد الطريق وكثرة المراجعين ومشقة الرجوع الى الافضل ولو كانت قليلة انّما يكون في الامور غير المهمة كرجوعهم الى أيّ طبيب من الأطباء في الأمراض غير المهمة وامّا في الامور المهمة الحياتية فيرون المراجعة الى الأبصر والأحذق امرا لازما والمتخلف للتوبيخ مستحقا ـ كما ذكرنا ـ فتكون دلالة السيرة على مراجعة الأعلم بنحو اللزوم.
الرابع : من الأدلة التي اقاموها على تقديم فتوى الأعلم ان قول الأعلم اقرب الى الواقع فهذا الدليل مركّب من صغرى وكبرى امّا الصغرى فهي ان فتوى الفقيه انّما اعتبرت من جهة كونها طريقا إلى الأحكام الواقعية وفتوى الأعلم لسعة احاطته ووفور اطلاعه على ما لا يطلع عليه غيره من المزايا الدخيلة في جودة استنباطه اقرب الى الواقع.
__________________
(١) رسالة الاجتهاد والتقليد ص ١٣٣.