وما يرى من الرجوع إلى أيّ من الأطبّاء في البلد من غير تحقيق وتفحّص مع علمهم باختلافهم في المهارة فهو في الأمراض غير المهمّة ، وأمّا في المهمّة منها فيراجعون إلى من هو أبصر وأخبر ، ومن المعلوم كون الامور الدينية والمسائل الشرعيّة من الامور المهمّة وتلك السيرة على حسب ما جرت عليها العقلاء والمتشرّعة ممتدّة إلى زمان الأئمّة عليهمالسلام وهذا الوجه أمتن الوجوه وأقواها عندنا في الدلالة على اعتبار الأعلميّة في محلّ الكلام.
نعم قد نراهم انهم يراجعون إلى غير الأعلم فيما إذا كانت فتواه موافقة للاحتياط وكانت فتوى الأعلم مخالفة له ، ولكنه ذلك لا لأنّ فتوى غير الأعلم حجّة عندهم ، بل لأنه عمل بالاحتياط ، فيأتون بما أفتى به برجاء إدراك الواقع ، فلا يمكن حينئذ اسناد ما أفتى به غير الأعلم إلى الله والإتيان به بقصد أمر الشارع.
والسيرة العقلائية المذكورة مع امتدادها إلى زمان المعصومين عليهمالسلام ـ كما قلنا ـ هى أقوى الحجج وأتمّها على اعتبار الأعلميّة في التقليد وأنّها بنحو اللّزوم ولكنّه يظهر من الإمام الخميني «قدس الله نفسه» في رسالته الاجتهاد والتقليد الترديد في ذلك حيث قال تحت عنوان : هل ترجيح قول الأفضل لزومي أم لا؟
«نعم يبقى في المقام أمر ، هو انه هل بناء العقلاء على ترجيح قول الأفضل لدى العلم بمخالفته مع غيره اجمالا أو تفصيلا يكون بنحو الإلزام أو من باب حسن الاحتياط وليس بنحو اللزوم؟ لا يبعد الاحتمال الثاني لوجود تمام الملاك في كليهما واحتمال اقربية قول الأعلم على فرض صحّته لم يكن بمثابة يرى العقلاء ترجيحه عليه لزوميا ولذا تراهم يرجعون الى