ومنها : ما رواه أيضا في البحار عن الإمام الجواد عليهالسلام قال مخاطبا عمّه : «يا عمّ إنه عظيم عند الله أن تقف غدا بين يديه فيقول لك : لم تفتي عبادي بما لم تعلم وفي الامة من هو أعلم منك؟» (١) وهي أيضا وإن كانت تامّة من حيث الدلالة ولكنها ضعيفة سندا لإرسالها.
ومنها : ما في نهج البلاغة في قصار الحكم : «أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاءوا به». (٢)
وقال العلامة المتضلّع الطهراني في كتابه القيّم «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» : يستفاد من ذلك تعيّن تقليد الأعلم (٣).
وأنت خبير بأن كونه أعلم بما جاءوا به لا يستلزم كونه أقوى ملكة في مقام الاستنباط كما ان كونه أولى الناس بالأنبياء لا يستلزم تعيّنه للإفتاء والتقليد ولعلّ النظر في كونه أولى الناس بالأنبياء كونه أولى بمنصب الحكومة والزعامة وهو غير منصب الإفتاء والتقليد الذي هو محل البحث.
وقد تبيّن مما ذكرنا انّ الاستدلال بالروايات لاعتبار الأعلمية في جواز التقليد ـ كالاستدلال بالإجماع ـ مخدوش.
ثالثها : السيرة العقلائية ـ فإنّها قد جرت على الرجوع إلى الأعلم والأخبر فى الامور المهمة في جميع الحرف والمهن والعلوم وان شئت فاختبر ذلك في الأمراض المهمّة التي تهدّد حياة الأشخاص فانّهم لا يتردّدون في لزوم الرجوع للمعالجة إلى مهرة الأطبّاء ويرون المتسامح في ذلك مستحقا للتوبيخ والذمّ.
__________________
(١) البحار ج ٥٠ ص ١٠٠ من الطبع الحديث.
(٢) قصار الحكم : ٩٦.
(٣) الذريعة ج ٤ ص ٣٩٠.