مع قطع النّظر عن دلالتها على المفهوم ، ولذا لو كان الوارد في الدليلين (إذا خفي الأذان فقصر) و (يجب تقصير الصلاة عند خفاء الجدران) كان بين ظهور القضية الأولى في المفهوم وظهور القضية الثانية في ثبوت وجوب التقصير عند خفاء الجدران تعارض لا محالة ، فان مقتضى إطلاق مفهوم الأولى عدم وجوب القصر عند عدم خفاء الأذان وان فرض خفاء الجدران ، ومقتضى القضية الثانية وجوب القصر في هذا الفرض ، وقد تحصل من ذلك ان المعارضة في مورد الكلام انما هي بين مفهوم كل من القضيتين ومنطوق الأخرى الدال على ثبوت الجزاء عند تحقق شرطه فاذن لا بد لنا من علاج هذه المعارضة وقد ذكروا في مقام علاجها وجوهاً :
الأول : ما تقدم من المحقق صاحب الكفاية (قده) وهو رفع اليد عن مفهوم إحداهما دون الأخرى. وفيه ما عرفت من أنه لا تعارض بين المفهومين حتى يعالج بذلك ومن هنا قلنا ان هذا سهو من قلمه (قده).
الثاني : ما تقدم من شيخنا الأستاذ (قده) وهو رفع اليد عن كلا الإطلاقين معاً والرجوع إلى الأصل العملي. أقول ان ما أفاده (قده) وان أمكن علاج المعارضة به إلا أن الأخذ به بلا موجب بعد إمكان الجمع العرفي بين الدليلين ، والسبب في ذلك هو انه إذا أمكن في مورد علاج المعارضة بين الدليلين على ضوء الجمع العرفي وما هو المرتكز عندهم لم تصل النوبة إلى علاجها بطريق آخر خارج عنه وليس معهوداً ومرتكزاً بينهم وبما أن ما أفاده من الجمع هنا خارج عن المتفاهم العرفي فلا يمكن المساعدة عليه ولتوضيح ذلك نضرب مثالا وهو ما إذا ورد الأمر بإكرام العلماء الظاهر في وجوب إكرامهم ثم ورد في دليل آخر أنه لا يجب إكرام زيد العالم ، فان التنافي بينهما وان كان يرتفع بحمل الأمر في الدليل العام على الاستحباب إلا أنه بلا مقتضى حيث ان العرف لا يساعد على