الشرعي في باب المعاملات لم يجعل لها على نحو صرف الوجود ، لتكون صحتها منتزعة من انطباقها على الفرد الموجود وفسادها من عدم انطباقها عليه.
وقد تحصل من ذلك ان المعاملات بما انها موضوعات للإمضاء الشرعي فبطبيعة الحال يتعدد الإمضاء بتعدد افرادها فيثبت لكل فرد منها إمضاء مستقل مثلا الحلية في قوله تعالى «أحل الله البيع» تنحل بانحلال افراد البيع فتثبت لكل فرد منه حلية مستقلة غير مربوطة بالحلية الثابتة لفرد آخر منه ، وهكذا هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى انا لا نعقل للصحة والفساد في باب المعاملات معنى الا إمضاء الشارع لها وعدم إمضائه من جهة شمول الإطلاقات والعمومات لها وعدم شمولها ، فكل معاملة واقعة في الخارج من البيع أو نحوه فان كانت مشمولة لإطلاقات أدلة الإمضاء وعموماتها فهي محكومة بالصحّة والا فبالفساد ، وعلى هذا الضوء لا يمكن تفسير الصحة فيها إلا بحكم الشارع بترتيب الأثر عليها ، كما انه لا يمكن تفسير الفساد فيها إلا بعدم حكم الشارع بذلك. وعلى الجملة فمعنى ان هذا البيع الواقع في الخارج صحيح شرعاً ليس الا حكم الشارع بترتيب الأثر عليه وهو النقل والانتقال وحصول الملكية ، كما انه لا معنى لفساده شرعاً إلا عدم حكمه بذلك.
إلى هنا قد استطعنا ان نخرج بهذه النتيجة وهي : ان الصحة والفساد في العبادات امران واقعيان وفي المعاملات امران مجعولان شرعاً.
وعلى ضوء هذه النتيجة قد تبين بطلان نظرية شيخنا الأستاذ (قده) من أن الصحة والفساد في المعاملات كالصحة والفساد في العبادات غير مجعولين شرعاً لا أصالة ولا تبعاً ، ووجه التبين ما عرفت من ان هذه النظرية تبتنى على نقطة واحدة وهي كون المعاملات كالعبادات متعلقات للإمضاءات الشرعية لا موضوعات لها ، وعليه فبطبيعة الحال تكون صحتها