في العبادات غير مجعولين شرعاً وفي المعاملات مجعولين كذلك. أما في العبادات فقد عرفت انهما منتزعان من انطباقها على الموجود الخارجي وعدم انطباقها عليه فلا تنالهما يد الجعل أصلا.
وأما في المعاملات فالامر فيها ليس كذلك ، والسبب فيه هو انها تمتاز عن العبادات في نقطة واحدة وتلك النقطة هي الموجبة لافتراقها عن العبادات من هذه الناحية ، وهي : ان نسبة المعاملات إلى الإمضاء الشرعي في إطار أدلته الخاصة نسبة الموضوع إلى الحكم لا نسبة المتعلق إليه ، وهذا بخلاف العبادات كالصلاة ونحوها ، فان نسبتها إلى الحكم الشرعي نسبة المتعلق لا الموضوع ، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى اننا قد حققنا في محله ان موضوع الحكم في القضايا الحقيقية قد أخذ مفروض الوجود في مقام التشريع والجعل دون متعلقه ، ولذا تدور فعلية الحكم مدار فعلية موضوعه فيستحيل أن يكون الحكم فعلياً فيها بدون فعلية موضوعه ، فلا حكم قبل فعليته الا على نحو الفرض والتقدير.
ومن ناحية ثالثة ان الحكم ينحل بانحلال افراد موضوعه في الخارج فيثبت لكل فرد منه حكم على حده. ومن ناحية رابعة ان معنى اتصاف المعاملات بالصحّة أو الفساد انما هو بترتب الأثر الشرعي عليها وعدم ترتبه ومن الواضح ان الأثر الشرعي انما يترتب على المعاملة الموجودة في الخارج دون الطبيعي غير الموجود فيه.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي هي : ان المعاملات بما انها أخذت مفروضة الوجود في لسان أدلتها فبطبيعة الحال تتوقف فعلية الإمضاء على فعليتها في الخارج فما لم تتحقق المعاملة فيه لم يعقل تحقق الإمضاء لاستحالة فعلية الحكم بدون فعلية موضوعه. وعلى ذلك فإذا تحقق بيع مثلا في الخارج تحقق الإمضاء الشرعي والا فلا إمضاء أصلا ، لما عرفت من ان الإمضاء