بيان ذلك : ان الحياة مرة تضاف إلى الدنيا ، وأخرى تكون الدنيا صفة لها اما على الأول فالمراد منها حياة هذه الدنيا في مقابل حياة الآخرة كما هو المراد في قوله تعالى : «ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا» وقوله تعالى : «ان هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين» فيكون المراد من الحياة فيهما هو حياة هذه الدنيا في قبال الآخرة ، كما ان المراد من الحيوان في قوله تعالى : «وان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون» هو الحياة الأخروية. وأما على الثاني وهو أن تكون الدنيا صفة للحياة فالمراد منها الحياة الدانية في مقابل الحياة العالية الراقية ، وهي بهذا المعنى تارة تطلق ويراد منها الحياة في مقابل الحياة الأخروية نظراً إلى ان الحياة الدنيوية وان كانت حياة الأنبياء والأوصياء فهي دانية بالإضافة إلى الحياة الأخروية ، حيث انها حياة راقية دائمية أبدية ومملوءة بالطمأنينة والراحة. واما هذه الحياة فهي موقتة وزائلة ومقدمة لتلك الحياة الأبدية ومملوءة بالتعب وعدم الراحة فكيف يقاس هذه بتلك وعليه فبطبيعة الحال تكون الحياة في هذه الدنيا ولو كانت حياة عالية وراقية كحياة الأنبياء والصالحين التي هي مملوءة بالعبودية والإطاعة لله سبحانه الا انها مع ذلك تكون في جنب الحياة الأخروية دانية. وتارة أخرى تطلق ويراد منها الحياة الدانية في هذه الدنيا ، في مقابل الحياة الراقية فيها يعني ان الحياة في هذه الدنيا على نوعين : أحدهما حياة دنيّة حيوانية كالحياة المملوءة باللعب واللهو ونحوهما وثانيهما حياة عالية راقية كحياة الأنبياء والأولياء ومن يتلو تلوهما حيث ان حياتهم بشتى أنواعها واشكالها عبادة وطاعة لله تعالى :
وبعد ذلك نقول : ان المراد من الحياة في الآية الثانية هي الحياة الدانية فالدنيا صفة لها ، وهي تنحصر باللعب واللهو يعني ان الحياة الدنيّة