وأما الصورة الثانية : ـ وهي ما إذا كان تعدد القضية بتعدد المحمول فحسب ـ فان كان الموضوع فيها غير متكرر كما في مثل قوله تعالى : «والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا» فالظاهر هو رجوع الاستثناء إلى الجميع نظير ما إذا قال المولى لعبده (بع كتبي وأعرها وأجرها إلا ما كان مكتوباً على ظهره أنه مخصوص لي) فانه ظاهر في رجوعه إلى الجميع ولا شبهة في هذا الظهور. والوجه فيه واضح وهو رجوع الاستثناء إلى الموضوع حيث انه يوجب تضييق دائرته وتخصيصه بحصة خاصة.
وعليه فبطبيعة الحال يكون استثناء من الجميع ، ويدل بمقتضى الارتكاز العرفي ان هذه الأحكام المتعددة ثابتة لهذه الحصة دون الأعم ، مثلا لو قال المولى (أكرم العلماء وأضفهم وجالسهم إلا الفساق منهم) فلا يشك أحد في رجوع هذا الاستثناء إلى العلماء وتخصيصهم بخصوص العدول وان هذه الأحكام ثابتة لهم خاصة دون الأعم منهم ومن الفساق.
وعلى الجملة فالقضية في المقام وان كانت متعددة بحسب الصورة إلا انها في حكم قضية واحدة فلا فرق فيما ذكرناه بين أن تكون القضية واحدة حقيقة وان تكون متعددة صورة ، فانها في حكم الواحدة ، والتعدد انما هو من جهة عدم تكفل القضية الواحدة لبيان الأحكام المتعددة.
فالنتيجة أنه لا شبهة في رجوع الاستثناء إلى الجميع في هذا الفرض وأما إذا كرر الموضوع فيها ثانياً كما في مثل قولنا (أكرم العلماء وأضفهم وجالس العلماء إلا الفساق منهم) فالظاهر هو رجوع الاستثناء إلى خصوص الجملة المتكررة فيها عقد الوضع وما بعدها من الجمل ان كانت ، والسبب فيه هو ان تكرار عقد الوضع قرينة عرفاً على قطع الكلام عما قبله ، وبذلك